responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 69
الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [1]، أو حين يعلن أيضًا أن شيئًا في هذا الكون لا يستطيع أن يعارض ما فرض علينا من التكاليف الشاقة، ولا ما ابتلانا به من تصاريف مغمة: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ} [2]. أليس واضحًا أن هذه الصورة الشرطية لم تتغير مطلقًا إلى مضارع الحال؟ ومن الممكن كذلك أن نؤكد أنها لن تتغير أبدًا من حيث إن الله سبحانه قال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [3].
وإذن، فبدلًا من أن يؤكد الأشاعرة القدرة الإلهية الكاملة، التي غاب عن المعتزلة تأكيدها، وبدلًا من أن يجعلوها في مقابل الحكمة التي حاول المعتزلة إبرازها -نجدهم بدافع الحمية، وقلة الحنكة النظرية- قد ألغوا تقريبًا الحكمة من أجل القدرة. بحيث لم يحتفظوا منها إلا بالاسم وحسب.
فعندما نجد عملًا محكم التدبير، كامل التنظيم، بحيث يكون لكل جزء وظيفته داخل المجموع، أو عندما نرى أن واقعًا قد انتهى إلى نتائج طيبة، فإن العادة قد جرت على أن نفسر الأمور بعضها ببعض، وأن نحمل هذه العلاقة في المكان، أو في الزمان، وهذا التضامن البنائي، أو هذا التتابع التاريخي، على غاية مقصودة.
قال الأشاعرة: هذا تشبيه!! فإن هذا التفسير الإنسان لا يصدق على الأمر الإلهي، حيث لا موضع لافتراض وجود غاية، بحسب مذهبهم، والله يفعل ما يريد، دون أن يقصد إلى أية غاية. ومن عباراتهم في ذلك: "إن الله لا يفعل شيئًا لأجل شيء، ولا بشيء، وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما، وهو يفعل أحدهما مع صاحبه، لا به، ولا لأجله؛ لأنه خالق كل شيء ومليكه"[4].

[1] المائدة: 17.
[2] البقرة: 220.
[3] الأنعام: 12.
[4] ابن تيمية, منهاج السُّنة النبوية 1/ 127-128.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست