ذلك يقول رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه" [1]. فلكيلا يبلغ الأمر هذا المبلغ رغب الإسلام في نوع من الاسترخاء البدني، أو الشبع المادي، وهو ما يمنح المرء راحة خلال هذه المهمة التعبدية. واسمع في ذلك قوله, صلى الله عليه وسلم: "ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل-أو فتر- قعد" [2].
فالقيام بأي نشاط تعبدي ينبغي إذن أن يستغرق الزمن الذي يحتفظ فيه القلب بنشاطه وسروره فحسب؛ إذ من الواجب علينا ألا نحول عبادة الله إلى عمل بغيض إلى قلوبنا: "ولا تُبَغِّض إلى نفسك عبادة الله" [3].
وملاحظة أخيرة، ولكنها ليست أقل الملاحظات صدقًا، تلك هي أن الذي يخطئ بالإسراف في عمل معين، ينتهي غالبًا إلى أن يخطئ بالتقتير في نفس العمل، بل وقد يعرض عنه إعراضًا نهائيًّا، ومثل هذا الإنسان، في منطق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كمثل فارس منهمك في مضماره, فهو لا يلبث أن يرهق فرسه حتى يقتلها، دون أن يبلغ هدفه: "إن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى" [4].
وليس الأمر في هذه الأمثلة كلها أمر إزالة عقبة ماثلة، وإنما هو التهيؤ لمواجهة عقبات محتملة، وإن كانت تقريبًا مؤكدة. والحل لا يتدخل لتغيير. [1] رواه مسلم, كتاب الصلاة, باب 139. [2] البخاري, كتاب التهجد, باب 18، ومسلم, كتاب الصلاة, باب 139. [3] مسند أحمد, مسند أنس. [4] المرجع السابق، وقد عثرنا عليه في "فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي" 2/ 544, قال الهيثمي: وفي إسناده يحيى بن المتوكل أبو عقيل، وهو كذاب. "المعرب".