وكما يجوز للمستضعفين في الأرض، ممن ينبغي عليهم أن يبحثوا عن ملجأ آمن يمارسون فيه حرية العقيدة والعبادة -يجوز لهم أن يبقوا حيث هم، ما داموا لا يملكون وسيلة الهجرة، وهو قوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [1].
والمسافر الذي لا يجد ما يتقوت به مما أحل الله، يمكنه بل يجب عليه بنفس القدر، أن يطعم أي شيء، ولا يترك نفسه يهلك جوعًا: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [2].
وتارة يكون المخرج إعفاء جزئيًّا، ومن ذلك: قصر الصلاة أثناء السفر، فيما قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [3].
ومنه: أن الصلاة أثناء المعركة يمكن أداؤها خلال المشي، أو ركوب الفرس، وهو قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [4].
وتارة ثالثة: يكون المخرج مجرد إرجاء، فالمرضى والمسافرون ليسوا ملزمين بالصوم في وقته المحدد، وبوسعهم قضاءه في مقبل الأيام: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [5].
ورابعة: يكون المخرج استبدال عمل يسير بآخر عسير، فالمسافر الذي لا يجد ماء ليتطهر، والمريض الذي لا يطيق استعماله -يجب أن يكتفي كل منهما [1] النساء: 98. [2] المائدة: 3. [3] النساء: 101. [4] البقرة: 239. [5] البقرة: 185.