بعملية رمزية، عبارة عن لمس حجر نظيف أو رمل نظيف، ثم يمسح بيده على وجهه ويديه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [1].
وجدير بالذكر أن النص في أغلب هذه الأمثلة يبرز جانب اليسر العملي الذي تنطوي عليه، والذي يؤكد رحمة الشرع الإلهي، ففيها إذن الصفة الضرورية للدلالة على أن الأمر ليس أمر بعض العوارض الطارئة، أو حدث ناشيء عن صدفة، وإنما هو مبدأ جوهري يعتبر تطبيقه هدف محاولة دائمة.
ولننظر وجهًا آخر للعلاقة بين الواجب والموقف، ولقد وجدنا في الجوانب التي درسناها حتى الآن أن العقبة التي يتنازل أمامها التكليف بعض تنازل كانت عقبة طبيعية، ليست من صنع الإنسان؛ إذ كيف نجعل في الواقع من قبيل الضرورة حالة ميكانيكية ركبها الإنسان بنفسه، ومن ثم فهو قادر على أن يفكها؟
ومع ذلك فهناك حالات يصبح فيها هذا الموقف المصطنع مع طول الزمن أشبه بطبيعة ثانية، متمردة، لا يمكن تذليلها، فهل يجب حينئذ أن نتقهقر أمام هذه الصعوبة، ونعاملها كواقع ليس في طاقة الإنسان أن يتجنبه، بحيث ينبغي أن يقف أمامه موقفًا سلبيًّا في انتظار ما يئول إليه؟
إن الحل الأصيل الذي جاءت به الشريعة الإسلامية مختلف عن ذلك تمامًا، فهو يقوم على التصدي لهذا الموقف، وتناوله بطريقة خاصة، حتى يتاح للإنسان أن يرتقي مرة أخرى، في المنحدر الذي هبط منه، شيئًا فشيئًا، وبحيث يتسنى له -حين يبلغ مستوى معينًا- أن يتقبل النظام الأخلاقي، الذي ظل حتى ذلك الحين معلقًا.
ولدينا في هذا المقام مثال واضح الدلالة، يقدمه لنا موقف القرآن في [1] المائدة: 6.