responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ذم الهوى نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 259
جَالِسًا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ السُّوقِ فَمَرَّ بِي شَيْخٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْبَائِعُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَلِ اللَّهَ أَنْ يُعْظِمَ أَجْرَكَ وَأَنْ يَرْبِطَ عَلَى قَلْبِكَ بِالصَّبْرِ
فَقَالَ الشَّيْخُ مُجِيبًا لَهُ
وَكَانَ يَمِينِي فِي الْوَغَى وَمُسَاعِدِي ... فَأَصْبَحْتُ قَدْ خَانَتْ يَمِينِي ذِرَاعُهَا
وَأَصْبَحْتُ حَرَّانًا مِنَ الثَّكْلِ حَائِرَا ... أَخًا كَلَفٍ ضَاقَتْ عَلَيَّ رِبَاعُهَا
فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَبْشِرْ فَإِنَّ الصَّبْرَ مُعَوَّلُ الْمُؤْمِنِ وَإِنِّي لأَرْجُو أَلا يَحْرِمُكَ اللَّهُ الأَجْرَ عَلَى مُصِيبَتِكَ
فَقُلْتُ لِلْبَائِعِ مَنْ هَذَا الشَّيْخُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الْخَزْرَجِ فَقُلْتُ وَمَا قِصَّتُهُ قَالَ أُصِيبَ بِابْنِهِ كَانَ بِهِ بَارًّا قَدْ كَفَاهُ جَمِيعَ مَا يَعْنِيهِ وَمِيتَتُهُ أَعْجَبُ مِيتَةٍ فَقُلْتُ وَمَا كَانَ سَبَبُ مِيتَتِهِ قَالَ أَحَبَّتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تَشْكُو إِلَيْهِ حُبَّهَا وَتَسْأَلْهُ الزِّيَارَةَ وَتَدْعُوهُ إِلَى الْفَاحِشَةِ وَكَانَتْ ذَاتَ بَعْلٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا
إِنَّ الْحَرَامَ سَبِيلٌ لَسْتُ أَسْلُكُهُ ... وَلا أَمُرُّ بِهِ مَا عِشْتُ فِي النَّاسِ
فَابْغِي الْعِتَابَ فَإِنِّي غَيْرُ مُتَّبِعٍ ... مَا تَشْتَهِينَ فَكُونِي مِنْهُ فِي يَاسِ
إِنِّي سَأَحْفَظُ فِيكُمْ مَنْ يَصُونُكُمْ ... فَلا تَكُونِي أَخَا جَهْلٍ وَوِسْوَاسِ فَلَمَّا قَرَأَتِ الْكِتَابَ كَتَبَتْ إِلَيْهِ
دَعْ عَنْكَ هَذَا الَّذِي أَصْبَحْتَ تَذْكُرُهُ ... وَصِرْ إِلَى حَاجَتي يَا أَيهَا الْقَاسِي
دَعِ التَّنَسُّكَ إِنِّي غَيْرُ نَاسِكَةٍ ... وَلَيْسَ يَدْخُلُ مَا أَبْدَيْتَ فِي رَاسِي قَالَ فَأَفْشَى ذَلِكَ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ لَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهَا بَعْضَ أَهْلِكَ فَوَعَظَتْهَا وَزَجَرَتْهَا رَجَوْتُ أَنْ تَكُفَّ عَنْكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ وَلا صِرْتُ فِي الدُّنْيَا حَدِيثًا وَلَلْعَارُ فِي الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنَ النَّارِ فِي الآخِرَةِ وَقَالَ
الْعَارُ فِي مُدَّةِ الدُّنْيَا وَقِلَّتِهَا ... يَفْنَى وَيَبْقَى الَّذِي فِي الْعَارِ يُؤْذِينِي

نام کتاب : ذم الهوى نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست