نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 160
وربما خفي على الناس سبب عقوبته، فقيل: فلان من أهل الخير، فما وجه ما جرى له؟! فيقول القدر: حدود لذنوب خفية، صار استيفاؤها ظاهرًا. فسبحان من ظهر حتى لا خفاء به، واستتر حتى كأنه لا يعرف، وأمهل حتى طمع في مسامحته، وناقش حتى تحيرت العقول من مؤاخذته، لا حول ولا قوة إلا بالله.
96- فصل: الجمع بين العلم والمعاملة
467- تأملت العلم والميل إليه، والتشاغل به؛ فإذا هو يقوي القلب قوة تميل به إلى نوع قساوة، ولولا قوة القلب، وطول الأمل، لم يقع التشاغل به، فإني أكتب الحديث أرجو أن أرويه، وأبتدئ بالتصنيف أرجو أن أتمه.
فإذا تأملت باب المعاملات[1]، قل الأمل[2]، ورق القلب، وجاءت الدموع، وطابت المناجاة، وغشيت السكينة، وصرت كأني في مقام المراقبة.
إلا أن العلم أفضل، وأقوى حجة، وأعلى رتبة، وإن حدث منه ما شكوت منه. والمعاملة؛ وإن كثرت الفوائد التي أشرت إليها منها، فإنها قريبة إلى أحوال الجبان الكسلان، الذي قد اقتنع بصلاح نفسه عن هداية غيره، وانفرد بعزلته عن اجتذاب الخلق إلى ربهم.
فالصواب العكوف على العلم، مع تلذيع النفس بأسباب المرفقات تلذيعًا لا يقدح في كمال التشاغل بالعلم. فإني لأكره لنفسي من وجهة ضعف قلبي ورقته أن أكثر زيارة القبور، وأن أحضر المحتضرين؛ لأن ذلك يؤثر في فكري، ويخرجني من حيز المتشاغلين بالعلم إلى مقام الفكر في الموت، ولا أنتفع بنفسي مدة.
468- وفصل الخطاب في هذا أنه ينبغي أن يقاوم المرض بضده: فمن كان قلبه قاسيًا شديد القسوة، وليس عنده من المراقبة ما يكفه عن الخطأ، قوم ذلك بذكر الموت، ومحاضرة المحتضرين.
فأما من قلبه شديد الرقة، فيكفيه ما به؛ بل ينبغي له أن يتشاغل بما ينسيه [1] المعاملات: أعمال القلوب أو علم السلوك. [2] في نسخة: "الزمل" وهو الحِمْل.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 160