نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 391
إليهما شيء، أنفقوه في اللعب، وأنت على سيرتي وأخلاقي، ولي في الموضع الفلاني ألف دينار؛ فإذا أنا مت، فخذها وحدك، فاشتد بالرجل المرض، فمضى الولد، فأخذ المال، فعوفي الأب، فجعل يسأل الولد أن يرد المال إليه، فلا يفعل، فمرض الولد وأشفى[1]، فجعل الأب يتضرع إليه ويقول: ويحك! خصصتك بالمال دونهم، فتموت، فيذهب المال! ويحك! لا تفعل! فما زال به حتى أخبره بمكانه، فأخذه، ثم عوفي الولد، ومضت مدة، فمرض الأب، فاجتهد الولد أن يخبره بمكان المال وبالغ، فلم يخبره، ومات، وضاع المال، فسبحان من أعدم هؤلاء العقول والفهوم! {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] . [1] أشفى: أشرف على الموت.
287- فصل: إذا أردت أن تصادق أحدًا فاختبره
1286- كان لنا أصدقاء وإخوان أعتد[1] بهم؛ فرأيت منهم من الجفاء وترك شروط الصداقة والأخوة عجائب، فأخذت أعتب، ثم انتبهت لنفسي، فقلت: وما ينفع العتاب؛ فإنهم إن صلحوا، فللعتاب لا للصفاء؟! فهممت بمقاطعتهم! ثم تفكرت، فرأيت الناس بين معارف وأصدقاء في الظاهر، وإخوة مباطنين، فقلت: لا تصلح مقاطعتهم؛ إنما ينبغي أن تنقلهم من ديوان الأخوة إلى ديوان الصداقة الظاهرة، فإن لم يصلحوا لها، نقلتهم إلى جملة المعارف، وعاملتهم معاملة المعارف، ومن الغلط أن تعاتبهم، فقد قال يحيى بن معاذ[2]: بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له: اذكرني في دعائك.
1287- وجمهور الناس اليوم معارف، ويندر فيهم صديق في الظاهر؛ فأما الأخوة والمضافاة، فذاك شيء نسخ، فلا يطمع فيه، وما أرى الإنسان تصفو له أخوة من النسب ولا ولده ولا زوجته، فدع الطمع في الصفا، وخذ عن الكل جانبًا، وعاملهم معاملة الغرباء! وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود، فإنه مع الزمان يبين [1] أعتدّ بهم: أعتز بصداقتهم. [2] يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي، أبو زكريا الواعظ، من كبار المشايخ، له كلام جيد، ومواعظ مشهورة، توفي سنة "258هـ".
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 391