مضمرًا على كلمة التوحيد لا إله إلا الله التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّها أفضلُ الذِّكر، وأنَّها أفضلُ ما قاله عليه الصلاة والسلام هو والنبيّون من قبله، وقد سبق أن مرَّ معنا بعضُ الأحاديث الدالة على ذلك، هذا مع أنَّ ذِكر الاسم المفرد مظهرًا أو ذِكره مضمرًا ليس بمشروع في الكتاب ولا في السنة، ولا هو مأثورٌ عن أحدٍ من سلف الأمة، وإنَّما لهَج به قوم من ضلاّل المتأخرين بلا حجة ولا برهان.
وقد فنَّد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دعاوى هؤلاء في ذكرهم المحدث هذا، وبَيَّن فساد ما قد يتشبّثون به لنصرته وتقريره، قال رحمه الله: "وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك واستدل عليه تارةً بوَجدٍ، وتارةً برأيٍ، وتارةً بنقلٍ مكذوبٍ، كما يروي بعضُهم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لقّن عليَّ بن أبي طالب أن يقول: "الله، الله، الله، فقالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ثم أمر عليّاً فقالها ثلاثاً"، وهذا حديثٌ موضوعٌ باتفاق أهل العلم بالحديث، وإنَّما كان تلقين النبي صلى الله عليه وسلم للذِّكر المأثور عنه، ورأس الذكر لا إله إلا الله، وهي الكلمة التي عرضها على عمِّه أبي طالب حين الموت، وقال: "يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمةً أحاجُّ لك بها عند الله"، وقال: "إنِّي لأعلمُ كلمةً لا يقولها عبدٌ عند الموت إلا وجد روحُه لها رَوْحاً"، وقال: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، وقال: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقِّها وحسابهم على الله"، والأحاديثُ كثيرةٌ في هذا المعنى.