نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 46
ولكنهما في أحيان كثيرة يتجاوزان وظيفتهما، فيطغيان على كل مساحة النفس، فتتلبد المشاعر، وتغلق البصائر، وتجمد الأفكار!
عندئذ يصبح الإلف عائقًا عن التقدم، معطلًا عن الطلاقة، مجمدًا للكيان.
وعندئذ لا بد من إيقاظ النفس من سباتها لتتفتح و"تستنشق" الحياة!
وحين يحدث التفتح فإنه يحدث أعجب الأثر في الكيان البشري. إنه يشبه -مع الفارق- ذلك النشاط الحي الذي يحس به الإنسان في أعضائه حين يخرج من الغرفة المقفلة الفاسدة الهواء، فيتلقى النسيم المنعش على صفحة وجهه ويستنشقه إلى أعماقه. إنه يتجدد, يتجدد حقيقة, حسًا ومعنى. وينطلق في خفة نشيط الحركات.
والتفتح النفسي يشبه ذلك الأثر ولكنه أعمق وأشمل وأروع. إنه يهز الكيان النفسي كله ويوقظه وينشطه ويجدد حياته. كل فكرة تمر به جديدة. وكل إحساس يخطر له جديد. وكل تجربة يمر بها فهي حية. حية تطلق شحنة من النشاط وطاقة من الإشعاع.
وما أعجب كل شيء يحدث لأول مرة! إنه تجربة نفسية رائعة حية ... كأنها لمسة رفيقة تلمس طرف عصب مكشوف، فيتفزز ويتأثر، وينقل اللمسة إلى مركز الحس بكامل وقعها وكامل تدفقها. إنها عملية جميلة ممتعة. تملأ الحياة ثراء وسعة ومتاعًا متجددًا على الدوام.
ولو استطاع الإنسان أن يعيش كل شيء كأنما يحدث لأول مرة! إذن لاستطاع أن يحس بالشباب الدائم الذي لا يدب إليه العجز ولا الشيخوخة ولا الفناء!
ولكنها عملية عسيرة. فمطالب العيش الدائمة، وزحمة الحياة، وقصر العمر، ووفرة المشكلات.. كلها تستنفد الطاقة وتستنفد الاهتمام.
ومع ذلك فالقرآن يصنع هذه العجيبة!
إن أسلوبه الساحر، وجوه المشرق، وروحه الصافية، لتنقل الإنسان نقلًا من إلفه وعادته، وتهزه ليستيقظ، تلمس -برفق- أعصابه المكشوفة! فتعطيه الشحنة كاملة، ينقلها إلى مركز الحس بكامل وقعها وكامل تدفقها.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 46