نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 62
ولا تعود تجزع لما يصيبها من الضراء أو تطيش بما يصيبها من السراء. لا تقلق على الرزق فهو بيد الله. ولا على الحياة فالموت والحياة في يد الله. ولا على الصحة فالصحة والمرض بيد الله. ولا على المكانة. ولا على ما يصيبها من أذى الناس. ولا شيء مما يقلق النفوس على الأرض ويصيبها بالجزع والاضطراب {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [1].
وعندئذ تنطلق النفس للعمل بما فيه الخير. تنطلق خفيفة من الأعباء!
ولقد يغلب على الظن أن هذا التسليم المطلق لله هو التواكل.. هو الضعف ... هو السلبية.. هو الخنوع!
كلا! فما كان محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا ولا سلبيًا ولا خانعًا ولا قاعدًا عن الجهاد والحركة والاندفاع الدائم نحو الخير والبناء والتعمير.. وما كانت أمته التي رباها على عينه كذلك.
وتلك هي أمثلة التسليم الحق لله! فلا سلبية إذن ولا ضعف ولا تواكل.
إنه التوكل على الله، لا التواكل عليه. التوكل الذي يشحذ العزيمة ويمنح المضاء.
التوكل الذي يزيح عن القلب سم القلق المدمر المحطم للأعصاب.
يزيح عن القلب التردد الناشئ عن الخوف، والقعود الناشئ من العجز عن مواجهة الأحداث.
الأحداث بيد الله. والنتائج بيد الله. والأعمار بيد الله. ففيم التردد، وفيم الخوف، وفيم القعود؟
كلا! بل هي عزيمة وقوة وانطلاق!
وبهذه العزيمة وهذا الانطلاق وجدت تلك الأمة الفريدة في التاريخ. الأمة التي انتشرت في رقاع الأرض ورقاع التاريخ: {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [2].
الأمة التي كانت تجاهد ولا تهاب, وتحرص على الموت فتوهب لها الحياة. [1] سورة المعارج 19-22. [2] سورة آل عمران 110.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 62