responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 79
إن نواميس الكون تجري في دقة عجيبة ونظام لا يختل. وفوق ما يوحيه ذلك للقلب البشري من تقوى الله الصانع المدبر والتوجه إليه في كل أمر، فإنه يعود العقل على دقة النظر وانضباط الأحكام، إن دورة الأرض ودورة الشمس ودورة الأفلاك ليست مضبوطة بالساعة ولا بالدقيقة ولا بالثانية ولا بالثالثة. ولكنها مضبوطة بسرعة الشعاع الذي يقطع 186 ألف ميل في الثانية! والنظر في هذه الدقة المذهلة يعود العقل أن يدقق! فكل خلل بسيط في التفكير أو التقدير ينتج عنه أخطاء جسيمة، لو كان يحدث مثلها في الكون لانفلت عقده وتهاوى ما فيه من أفلاك! والعقل قمين -حين يرى تلك الدقة والترابط- أن يحاول ضبط أفكاره وربطها، والوصول إلى الكليات التي تربط الجزئيات وتحكمها- كما يرى في نظام الكون الكبير.
وقد انطبع تفكير المسلمين بهذه الدقة العلمية -على الرغم من قلة ما كان بأيديهم يومئذ من الآلات والأدوات- فوصلوا إلى كشوف علمية تثبت لهم الجد في التحصيل والصدق في التفكير، كما ثبت لهم قدرًا من الدقة يعتبر مثاليًّا بالنسبة لذلك الحين. وأبحاث ابن الهيثم في البصريات، وأبحاث البتاني الذي قاس بالدقة دورة الأرض حول الشمس وحسب بالدقة مواعيد الكسوف والخسوف، تعتبر شاهدًا على طريقة تأثر العقل الإسلامي بمنهج التربية الإسلامية في تربية العقول.
يوجه الإسلام الطاقة العقلية أول ما يوجهها إلى التأمل في حكمة الله وتدبيره. وهو أمر أقرب ما يكون إلى مملكة الروح.
الله الخالق المدبر الذي خلق السموات والأرض بالحق، ويدبرها بالحق, ذلك موضع التأمل.
وهو بحر واسع من التأملات لا ينتهي ولا ينفد ... ولقد عالجته الفلسفات من أول ظهورها إلى اليوم. ولكن في ذهنيات مجردة جافة لا تنبض بالحياة ولا تصل إلى غاية. بينما يمزجها القرآن بنداوة الروح فتنبض، وتسري الحياة إليها فتهز القلب البشري وتربطه بالله[1].

[1] انظر فصل "لا تفكروا في ذات الله" في كتاب "قبسات من الرسول".
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست