الحمد لله الذي أنعم على عباده بأعظم النعم وأجلها وأفضلها وأعلاها، ببعثه الرسل وإنزاله الكتب بأزكى الشرائع وأسناها، أحمده سبحانه وحمدي له من نعمه، وأسأله المزيد من عطائه وكرمه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له- أوامره سبحانه رحمة وإحسان وشفاء، وحياة للقلوب وغذاء، وحاجتهم إليها أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب والكساء، فلولا رحمته بالعلم والإيمان، وبيان الحرام والحلال، لكان الناس بمنزلة البهائم يتهارجون في الطرقات، ويتسافدون تسافد الحيوانات، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، ولا يمتنعون من قبيح، ولا يهتدون إلى صواب. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أنزل عليه شريعة مكملة للفطر والعقول، مرشدة إلى ما يحبه الله ويرضاه، ناهية عما يبغضه ويسخطه ويأباه، مستعملة لكل قوة وعضو وحركة في كماله الذي لا كمال له سواه، آمرة بمكارم الأخلاق ومعاليها، ناهية عن دنيئها وسفسافها، دالة على أن الذي جاء بها رسول صادق، وأن الذي شرعها أحكم الحاكمين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وجميع أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.