نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 165
الخاصة، أخذها بسلطان الله وخشيته ومراقبته، وبحضور الله- سبحانه وتبارك وتعالى- فيها حضورا لا تملك الغافلة عنه لحظة من زمان. أخذها جملة لا تفاريق وعالج الفطرة بطريقة خالق الفطرة.
لقد ملأ فراغها باهتمامات كبيرة لا تدع فيها فراغا تملؤه بنشوة الخمر وخيالات السكر وما يصاحبهما من مفاخرات وخيلاء وادعاء، تذهب في الهواء. ملأ فراغها باهتمامات، منها: نقل هذه البشرية الشاردة كلها من تيه الجاهلية الأجرد وهجيرها المتلظي وظلامها الدامس وعبوديتها المذلة وضيقها الخانق إلى رياض الإسلام البديعة وظلاله الندية ونوره الوضئ وحريته الكريمة وسعته التي تشمل الدنيا والآخرة!
ملأ فراغها بالإيمان، وبهذا الإحساس الندي الرضي الجميل البهيج.
فلم تعد في حاجة إلى نشوة الخمر، تحلق بها في خيالات كاذبة وسراب خادع وأوهام مضحكة، تتراءى متوثبة متأهبة. فأين هي من تلك الأحاسيس الرضية، ترفّ بالإيمان المشع إلى الملأ الأعلى الوضئ وتعيش بقرب الله ونوره وجلاله وتذوق طعم هذا القرب، فتمج طعم الخمر ونشوتها وترفض خمارها (آلامها وآثارها) وصداعها وتستقذر لوثتها وخمودها في النهاية!
لقد استنقذ هذا الإيمان بكل إحساساته وموراته وتدفقاته الفطرة من ركام الجاهلية. وفتحها بمفاتيحها الذي لا تفتح بغيره، وتمشي في حناياها وأوصالها وفي مسالكها ودروبها، ينشر النور والحياة والنظافة والطهر واليقظة والهمة والاندفاع للخير الكثير والعمل الكبير والخلافة في الأرض؛ بأصولها التي قررها العليم الحكيم الخبير، وعلى عهد الله وشرطه وعلى هدى ونور منه.
تم هذا بكل يسر وسهولة وشمول، رغم ما مر بنا من تعلقهم الزائد بالخمر قبل الإسلام- وفي الإسلام- حتى كان تحريمها. كانوا يعاقرونها بهذه الممارسة الشرهة الشاملة، إلى حدّ كانت الخمرة مادة فخرهم وأدبهم وشعرهم، مثلما هي مادة نواديهم ومجالسهم وأسمارهم. كما كان أدواتها
نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 165