نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 378
أنهما- وعلى انفراد- ما كان بهما ضعف معنوي أو مادي، لا سيما عن مواجهة هؤلاء الحفنة الذين كانوا خاضعين لهم دوما. بل على العكس كانوا يحسبون- كلّا على انفراد- أنهم سينتهون من موضوع هذه الدعوة الإسلامية في أقصر وقت، ويعدّ بالأيام وبأقل جهد وأدنى مؤونة. بجانب أنه ما كان يخطر على بال أحد أن هؤلاء العرب ممكن أن يفكروا في مواجهة أيّ من هاتين الدولتين. كيف وهم كانوا مستعبدين لهم وعملاء (المناذرة للفرس والغساسنة للروم) ، فما كانوا يفكرون في حربهم، وما لهم بهم طاقة.
لكن الذي حدث لم يصدقه أهل ذلك الزمان، ولا يصدقه أهل أي زمان، لولا أنه وقع فعلا [1] . وكان أيضا من أثر ذلك ليس جريان هذه الأحداث فحسب، بل تبدل الحياة وآفاقها وطبيعتها ومثلها وإنسانها، التي تثبتت في نفوسهم وما كادوا يتصورون غيرها.
إذا فما الذي أحدثه هذا الدين بتربيتهم على منهج الله تعالى، وبيد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم. فأي رسول كان هو، باستحقاق هو سيد المرسلين وإمامهم. وهو كما وصفه رب العالمين وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4] .
ومع أني لم أقدّم الأحداث والوقائع في هذه الخاتمة، الأحداث التي مر عرضها- أو كثير منها- فيما سبق من مباحث، لكن مع ذلك فإن هذه الشروح مستنبطة وقائمة ومستمدة من الأحداث والوقائع والصنائع التي مضت رتيبة منسابة طيبة، لا يكاد يجد أحد شذوذا فيها. مما يجعل أن طبيعة الأفراد في ذلك المجتمع المسلم كانت طبيعة مستقرة متجانسة ذات بناء رصين طيب متناسق، في أفراده وفي تجمعاته.
جرى ذلك رغم التناقضات العميقة المتجذّرة والاختلافات الغائرة وحروبها المدمرة والتحالفات المتأصلة، التي كانت بينهم قبل الإسلام. [1] انظر: أعلاه، (81- 83) وبعدها.
نام کتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها نویسنده : عبد الرحمن على الحجى جلد : 1 صفحه : 378