نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 297
والتزام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق جعله يرد أبا بصير وأبا جندل عام الحديبية -مع كرهه والمسلمين لذلك- لأنه عاهد قريشا على رد مَن يأتي إليه منهم[1].
4- حلاوة المنطق:
تميز صلى الله عليه وسلم بحسن اللفظ، وجمال المنطق، وحلاوة الحديث، يقول أبو هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان[2]، دائم الفكر، ليست له راحة[3]، طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة[4]، يفتتح الكلام ويختتمه باسم الله تعالى[5]، ويتكلم بجوامع الكلم[6]، كلامه فصل، لا فضول ولا تقصير[7]، ليس بالجافي ولا المهين[8]، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه[9]، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، فإذا تُعدي الحق[10] لم يقم [1] صحيح البخاري - كتاب الصلح - باب الصلح مع المشركين ج4 ص401. [2] لم يكن حزنه صلى الله عليه وسلم من أجل أمور الدنيا، وإنما كانت تتوارد الأحزان لأسباب متعددة، ترجع إلى دين الله تعالى والشفقة على خلق الله تعالى؛ ولذا كانت الآيات تنزل في تسليته صلى الله عليه وسلم وتخفيف شدة الأسى عنه. [3] والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم كان دائم التفكر في أمور الأمة ولا يصلح شئونهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، ومن ثَمَّ ليست له راحة. [4] يعني: أنه صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت، لا يتكلم إلا في حاجة دينية أو دنيوية، فيتحرز عن الكلام الذي لا فائدة منه؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} . [5] والمعنى: أن كلامه صلى الله عليه وسلم كان محفوا بذكر الله تعالى بدءا وانتهاء. [6] أي: بكلمات قليلة الحروف، جامعة لمعانٍ كثيرة. [7] يعني: أن كلامه صلى الله عليه وسلم فاصل بين الحق والباطل، ومفصل لا يتداخل في بعضه، بحيث يتلقاه السامع بوضوح دون التباس، لا يكثر فيمل، ولا يقصر فيخل. [8] أي: ليس هو صلى الله عليه وسلم بالجافي الغليظ الطبع، السيئ الخلق، ولا بالمهين لخلق الله تعالى، ولا بالمهين: أي المبتذل الذليل، بل هو الفخم، المفخم، الموقر، المعظم صلى الله عليه وسلم. [9] فهو صلى الله عليه وسلم يعظم نعم الله تعالى الكبيرة والصغيرة، الظاهرة والباطنة، ولا يذم منها شيئا، كما وأنه صلى الله عليه وسلم لا يذم ذواقا -أي مذوقا- من المأكولات أو المشروبات التي أباحها الله تعالى؛ لأن في الذم كفران النعمة، وهو شأن المترفين المتكبرين، كما وأنه صلى الله عليه وسلم لا يمدح ذواقا؛ لأن ذلك شأن ذوي الشره والنهمة المذمومة. [10] أي: فإذا تعدى أحد الحق وجاوزه إلى الباطل غضب صلى الله عليه وسلم غضبا لا يقاومه شيء، ولا يدفع غضبه شيء حتى ينتصر للحق بالحق.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 297