نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 54
المسيحية في شمال الجزيرة وجنوبها وشرقها.
كما أن اليهود وجدت في جنوب الجزيرة ووسطها، وسكنت "يثرب" بهجرة بعض اليهود إليها، ولم تكن اليهودية دين أمة، وإنما دين جماعة متعصبة من الرجال المغامرين.
وكان اليهود يسكنون عند الميلاد في فلسطين، فلما تعرضوا لاضطهاد الرومان وخاصة على يد "تيطس" الذي دمر لهم "أورشليم" في المرة الثانية، رحلوا إلى البلاد المجاورة؛ كالعراق، ومصر، والجزيرة العربية[1]، فسكنوا أولا بلاد اليمن حيث الازدهار والغنى، إلا أنهم وقعوا في صراع مع المسيحية، كاد يودي عليهم لولا أن ساعدهم الفرس ضد الروم، فلما اشتد اضطهادهم في اليمن، وانهدم سد مأرب مصدر الغنى، هاجروا إلى يثرب، وأسسوا فيها لأنفسهم المزارع والحصون، وفي يثرب باشروا مناسك دينهم في حرية، ونشطوا في أعمال التجارة والصناعة وغيرها.
وقد أشار ابن قتيبة إلى تهود عدد قليل من العرب؛ حيث وجد أفراد من اليهود العرب في حمير، وبني كنانة، وبني الحارث بن كعب، وكندة[2].
ويبدو أن السبب في عدم انتشار اليهودية هو عنصرية اليهود القائمة على فكرهم الديني، وإيمانهم بأنهم شعب مختار من الله على الخصوص، حسب ما تعلموا من نصوص كتابهم المقدس، فلقد أيقنوا أنهم أعلى من سائر الشعوب، وأن دينهم وقف عليهم كما جاء في سفر التثنية: "أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك؛ لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب، الذين على وجه الأرض"[3]، وهذا ما جعلهم يعيشون مستقلين ومنطوين على أنفسهم، ودفعهم كذلك إلى التفوق في كافة الشئون وخاصة الشئون الاقتصادية، كما أسسوا القرى المحصنة ضمانا [1] التاريخ الإسلامي العام ص158. [2] المعارف ص305. [3] سفر التثنية - الإصحاح السابع فقرة.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 54