نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 67
ولم يكن هذا النصر بداية استقرار في الفكر المسيحي، بل نشأت مسألة أخرى مع بداية القرن الخامس الميلادي، كانت هي السر في الانقسام الكامل للكنائس المسيحية بصورة واضحة.
ذلك أن مجمع "أفسوس" الأول سنة 431م الذي اجتمع ليقرر رأيه في أفكار "نسطور" القائلة بأن المسيح ليس إلها، ولكنه إنسان ملهم معصوم، لا كسائر الناس[1]، أيد رأي أسقف القسطنطينية، في تقسيم طبيعة المسيح إلى شقين هما: اللاهوتي، والناسوتي، وأنهما امتزجا وصارا كائنا واحدا.
وكان هذا القرار مبغضا عند كنيسة الإسكندرية وروما وشعب القسطنطينية؛ لأنه يهدد بعزل "مريم" العذراء من أمومتها للقسم اللاهوتي، ويحرمها من لقب "أم الرب"؛ ولذلك نجد هذه الكنائس تتحد ضد هذا القرار، وتجتمع في أفسوس ثانية، وتقرر أن للمسيح طبيعة واحدة، وتسرع في نشر هذا المذهب في أطراف الدولة، وتقوم كنيسة الإسكندرية بإرسال تسعة رهبان إلى الحبشة، يدعون لمذهب الطبيعة الواحدة[2]؛ مما جعل كنيسة القسطنطينية تثأر لنفسها بقرار مضاد في مجمع "خلقدونية" سنة 451م وذلك بمساعدة كنيسة روما، وقد اعتبر هذا المجمع القائلين بالطبيعة الواحدة هراطقة، وقرر وجوب تعذيبهم، ومع الأيام تطور هذا الخلاف إلى منافسة حادة، نشط فيها كل طرف لتقوية مذهبه، واتهام غيره بالهرطقة، الأمر الذي حوَّله إلى خلاف قومي، نادَى كل وطن فيه بالانفصال عن الإمبراطورية[3].
فشلت كل محاولات التوفيق بين الطرفين المتنازعين، كما اعترف بذلك "يوستنياتوس" في مجمع "القسطنطينية الخامس سنة 553م". [1] محاضرات في النصرانية ص135. [2] بين الحبشة والعرب ص36. [3] الحضارة البيزنطية ص133.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 67