أو الكوفة أو البصرة أو دمشق، أو بغداد، إلا وتراه قد زار مصر، وتعرف على علمائها وأخذ عنهم وأعطاهم.
وكان من الطبيعي أن يتطلع طالبُ علمٍ نابهٌ مثل ابن إسحاق إلى زيارة بلد مثل مصر، فشد رحاله إليها، وهو في شرخ شبابه وفي مرحلة القوة والفتوة والقدرة على السفر، والشد والترحال، وحدة الذهن والقدرة على الحفظ والاستيعاب، فقد بدأ زيارته لمصر عام 115هـ، أي عندما كان في حوالي الثلاثين من عمره، وقد تجول في أقاليم مصر، وزار مدينة الإسكندرية -التي كانت عاصمة مصر منذ أسسها الإسكندر الأكبر المقدوني، في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد إلى الفتح الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي أي أنها ظلت عاصمة مصر قرابة ألف عام وكانت بها مدرسة علمية لها شهرة عالمية، في علوم الطب والفلك والهندسة والرياضيات والكيمياء والفلسفة.
فكان من الطبيعي أن يزور ابن إسحاق الإسكندرية ما دام قد حل بأرض مصر.
وقد التقى ابن إسحاق بكثيرين من علماء مصر، وفي مقدمتهم عالمها الأكبر، يزيد بن أبي حبيب، وروى عنه كثيرًا، وقد أشرنا فيما سبق -ونحن نتحدث عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري شيخ ابن إسحاق -إلى الوثيقة التي رواها ابن إسحاق عن يزيد