منها؟! "[1]. ويبدو أن رواية ابن إسحاق عن فاطمة بنت النذر صحيحة، أكدها سفيان الثوري حين سئل: أكان ابن إسحاق قد جالس فاطمة بنت المنذر وسمع منها؟ فقال: "أخبرني ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها"[2]. وهذا الخبر في حد ذاته ليس غريبًا ولا مستنكرًا، إنما الغريب حقًّا هو غضب هشام بن عروة من ابن إسحاق، وحملته عليه بسببه، فرواية الرجال عن النساء وقعت وتقع كثيرًا، ولم يستغربه أو ينكره أحد من علماء المسلمين، وقد روى الصحابة والتابعون عن أمهات المؤمنين أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يستنكر ذلك أحد. بل إن ابن إسحاق نفسه روى عن زوجة أستاذ آخر من أساتذته، وهي فاطمة بنت عمارة الأنصارية؛ زوج عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، ولم ينكره ولم يعترض عليه، بل يروى أن زوجها نفسه -عبد الله بن أبي بكر- هو الذي طلب منها أن تحدث ابن إسحاق وقال لها: "حدثي محمدًا ما سمعت من عمرة بنت عبد الرحمن, فقالت له -أي لابن إسحاق: "سمعت عمرة تقول: سمعت عائشة تقول ... إلى آخر الحديث". فرواية ابن إسحاق إذًا عن فاطمة بنت المنذر -زوج هشام بن عروة- ليست حدثًا فريدًا نادر الوقوع، بل هو أمر مألوف في تراثنا [1] انظر، الفهرست لابن النديم، ص136. [2] تاريخ بغداد، ج1، ص221.