أما الذي يمكن أن يكون سببًا من أسباب الخلاف، فهو كثرة انتقاد ابن إسحاق لعلم مالك، فقد روى عنه أنه كان يقول: "ائتوني ببعض كتب مالك؛ حتى أبين عيوبه، أنا بيطار كتبه". فلما سمع مالك ذلك حنق على ابن إسحاق، وحمل عليه، وسفَّه علمه.
وقد روى الخطيب البغدادي عن أحد تلاميذ ابن إسحاق؛ وهو عبد الله بن إدريس أنه قال: قلت لمالك بن أنس -وقد ذكر المغازي: قال ابن إسحاق: أنا بيطارها. فقال: هو قال لك: أنا بيطارها، نحن نفيناه من المدينة. ويضيف العلماء سببًا آخر للخلاف والجفاء بين ابن إسحاق، والإمام مالك بن أنس، فيقولون: إن ابن إسحاق كان يتهم بالتشيع، فعاداه مالك بن أنس -وهو إمام من أكبر أئمة أهل السنة -من أجل ذلك[1]. وإذا كان ذلك الاتهام صحيحًا فمن الجائز أن يكون أيضًا وراء الجفاء وعدم المودة بين ابن إسحاق والدولة الأموية. هذا عن الخلاف -وأسبابه- بين ابن إسحاق والإمام مالك بن أنس.
أما خلاف ابن إسحاق مع هشام بن عروة بن الزبير، فترجعه المصادر التي تناولته إلى أن ابن إسحاق كان يروي الحديث عن فاطمة بنت المنذر -زوج هشام بن عروة- فأغضب ذلك هشامًا وأثار غيرته وحفيظته، وقال: "متى دخل عليها، ومتى سمع [1] انظر، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج1 ص223- 224.