بوابل من الحجارة إثر وابل، إلى أن تلطّخت نعلاه نفساهما بالدم.
وأخيرا، بعد أن تركه معذّبوه وشأنه، جلس [إلى ظل شجرة] في حديقة التماسا لشيء من الراحة. ورثا لحاله صاحب تلك الجنينة، عتبة ابن ربيعة، برغم انه كان كافرا، فبعث له بقطف من عنب [الحائط] مع مولاه النصراني عدّاس. فبسط الرسول يده إلى قطف العنب ونطق بهاتين الكلمتين: «باسم الله» ، وهما كلمتان يفترض في كل مسلم أن يردّدهما كلما باشر عملا من الأعمال. ودهش العبد النصراني لدن سماعه تينك الكلمتين، [وقال: «هذا كلام لا يقوله أهل هذه البلاد!» فسأله الرسول عن بلده ودينه، فلما علم انه نصرانيّ نينويّ قال له: «أمن بلدة الرجل الصالح يونس بن متّى؟» فسأله عدّاس: «وما يدريك ما يونس بن متّى؟» فقال الرسول:
«ذاك أخي كان نبيا وأنا نبيّ» فأكبّ عدّاس على محمد يقبّل رأسه ويديه وقدميه] ، وبلّغه محمد رسالة الاسلام، فشرح الله صدره للحق، على التوّ.
وإذ ألفى الرسول ان البشر يردّونه في كل بقعة، توجّه إلى الله الكليّ القدرة يلتمس منه العون في غمرة عجزه المطلق ذاك. ولكن صلاته لم تكن تعبيرا عن مشاعر القنوط والفجيعة، فقد كانت هذه المشاعر غريبة عليه بالكليّة. كان قلبه احفل بالايمان في العون الالهي من أن يجأر قائلا: «الهي! الهي! لم خذلتني؟» لا، لقد خاطب الله على النحو التالي:
- «اللهم اليك أشكو ضعف قوّتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين. انت رب المستضعفين، وانت ربي.
إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمني، أو إلى عدوّ ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر