ومصر، ومواطن أخرى كثيرة، حتى إذا هلكت انتقلت السيادة إلى ثمود.
بعد ذلك ظهر بنو قحطان الذين كانت اليمن موطنهم. وقد تمتّعوا في أيامهم بسلطان وسيادة عظيمين أيضا. وإنما كان الأوس والخزرج من ذرّيات هذه القبيلة. وجميع هذه الأعراق تعرف ب «العرب العاربة» أي العرب الخلّص.
وأخيرا جاء اسماعيل، الذي عرفت ذرّيته ب «العرب المستعربة» ، أي المتعرّبة. وصدوعا بالأمر الإلهي ترك ابراهيم ابنه اسماعيل مع أمّه «هاجر» في الموضع الذي تقوم فيه الكعبة. * وليس ثمة ما يؤيد الاعتقاد بأن ابراهيم نفاهما نزولا عند رغبة زوجه الثانية، سارة.
وفي حديث عن الرسول الكريم ما يدحض هذا الاعتقاد في قوة، إذ جاء في ذلك الحديث أن ابراهيم سئل هل خلّفهما هناك صدوعا بأمر الله فأجاب بالإيجاب. وقصتهم في القرآن تقود أيضا إلى الاستنتاج نفسه.
وفي ما بعد، أعاد الاب والولد، نزولا عند الايعاز الإلهي، بناء الكعبة المقدسة التي كانت، على ما يبدو، في حال متهدّمة. ** حتى إذا تمّ لهما ذلك وجّها كلاهما هذا الدعاء المشترك إلى الله الكليّ القدرة:
«رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.» *** وهو دعاء استجابه الله في شخص الرسول محمد صلوات الله عليه. ومن أجل ذلك يدعى الرسول الكريم أيضا «صلاة ابراهيم» .
(*) السورة 14، الآية 37؛ والسورة 2، الآية 125 الآنفتا الذكر.
(**) «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ، رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.» (السورة 2، الآية 127)
(***) السورة 2، الآية 129.