لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.» * وهذا يظهر ان الكعبة كانت قائمة هناك حتى في مثل هذا التاريخ الممعن في القدم.
وكانت المدينة تدعى، في الاصل، يثرب. وفي ما بعد عندما اتخذها الرسول الكريم مقرا له أمست تعرف ب «مدينة النبي» ، وهو اسم ما لبث أن تقلّص، تدريجيا، فأمسى «المدينة» ثم انتهى إلى أن يصبح مجرد «مدينة» . ** وهذه أيضا مدينة عتيقة. وبعض القرائن التاريخية توحي بأن انشاءها يرقى إلى عام 1600 ق. م. وقد سكنها العماليق، بادئ الأمر، ثم اليهود، والأوس، والخزرج. وحين أقبل الرسول ليقيم فيها كان هؤلاء الاقوام الثلاثة هم أهلها. وفي ما بعد اكتسب الأوس والخزرج لقب «الأنصار» . وفي السنة الثالثة عشرة من البعثة، هاجر الرسول من مكة إلى المدينة، حيث قضى بقية أيام حياته. هناك لفظ النفس الأخير، وهناك يقوم ضريحة حتى يوم الناس هذا. وتقع المدينة على مبعدة مئتين وسبعين ميلا إلى الشمال من مكة، وهي على نقيض هذه ليست غير ذات زرع مئة بالمئة. ففيها بالاضافة إلى المزروعات الوافرة عدد غير قليل من الاشجار المثمرة. ومناخها في الشتاء أكثر اعتدالا من مناخ مكة.
وعاد، وثمود، وطسم، وجديس هي، بقدر ما نعلم، أقدم أعراق بلاد العرب، وقد تحدّث القرآن الكريم عن العرقين الاولين [عاد وثمود] في بعض آياته. وهذه الأعراق الأوّلية تعرف ب «العرب البائدة» ، أي العرب القدامى. فبعد هلاك قوم نوح نشأت «عاد» التي امتدّت مساكنها إلى مواطن بعيدة خارج تخوم بلاد العرب. والبيّنات التاريخية تزكّي سيطرة «عاد» على بلاد العرب،
(*) السورة 14، الآية 37.
(**) في اللغات الأجنبية ليس غير. اما في العربية فلم يجرد اسمها في أيما يوم من لام التعريف. (المعرب)