بطريقة حبّية. والواقع ان فكرة الدين الانتقائي التي انبثقت مؤخرا تنسجم مع الحقيقة نفسها التي دعا اليها الاسلام منذ. ثلاثة عشر قرنا.
وحمل عبد الله بن حذافة [السّهميّ] الرسالة إلى كسرى. وكانت مستهلّة بهذه الكلمات: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد ... »
وكان كسرى لا يطيق ان يرى اسم ايما امرئ يذكر قبل اسمه.
فاستشاط غضبا إذ رأى اسم محمد مقدّما على اسمه هو. فأساء الحديث عن الرسول، ومزّق الكتاب إربا إربا. وفي سورة غضبه هذه كتب إلى عامله على اليمن يأمره بأن [يبعث اليه برأس هذا الرجل الذي بالحجاز] . فلم يكن من العامل- وكان اسمه بازان- إلا ان بعث رجلين إلى المدينة لهذا الغرض. إن العرب لم يكن لهم، في أعين اولئك القوم، كبير شأن، وكان من غير النادر أن يعمد جنودهم إلى اعتقال أيما رجل من العرب. حتى إذا وصل هذان الرجلان إلى المدينة قال [احدهما للرسول ان شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى بازان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثني اليك لتنطلق معي، وقالا قولا يرشح بالوعيد] ، وكم كانت دهشتهما عندما قال لهما الرسول ان ملكهما، كسرى، نفسه لم يعد على قيد الحياة. فانقلبا عائدين، واستبدّ بهما الأسى إذ علما انه ليلة نطق الرسول بهذه الكلمات قتل كسرى بيد ابنه [شيرويه] . وأفضت هذه الحادثة إلى إسلام العامل. وكذلك خلعت اليمن نير الامبراطورية الفارسية، وما لبثت هذه الامبراطورية نفسها أن تفسّخت وتجزأت.
أما نجاشيّ الحبشة فلم يكد يتلقى رسالة الرسول حتى دخل في دين الله على يد جعفر [بن ابي طالب] ، وهو مهاجر مسلم كان لا يزال في تلك الديار.
ومن بين الرسائل الموجهة إلى الزعماء العرب تجدر بنا الاشارة إلى