لتسديد ضربة إلى الاسلام، خشية أن يمسي أقوى من أن يقدروا على كبته. وإذ كانوا أقوياء متمرسين بالحرب فقد وفقوا إلى حشد قواهم في أيام معدودات. ولم يكد نبأ تلك الاستعدادات يتصل بالنبي حتى بعث من يتبيّن حقيقة الأمر. فإذا بهذا الذي بعثه يؤكد له ان النبأ صحيح. وفي الحال انصرف الرسول إلى تعبئة جيش يشتّت به قوى هوازن. وكان تحت إمرة الرسول في تلك اللحظة عشرة آلاف مقاتل [هم الذين غزوا مكة وفتحوها] فانضاف اليهم ألفا متطوع ممن [أسلم] من قريش، وبذلك أمسى الجيش الاسلامي مؤلفا من اثني عشر ألفا، سار الرسول على رأسهم إلى وادي حنين حيث احتشدت هوازن.
وبالاضافة إلى القوة البشرية زوّد المكيون المسلمين بقدر من الاسلحة كبير. وكان في القوة العددية، مردفة بالتجهيز الكامل، ما أوقع الزهو في قلوب فريق من المسلمين. ولكن الله شاء ان يظهر ان الفتوح الاسلامية كانت ثمرة العون الالهي ليس غير، ولم تكن بأية حال ثمرة قوة السلاح الاسلامي. فقد كانت ثمة مواقع وفّق فيها المسلمون.
بتأييد من الله، إلى التغلب على جيوش عدوّة بلغ افرادها ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف عددهم هم، بل عشرة اضعاف عددهم أيضا. أما عند انطلاق شرارة القتال في ساحة حنين فقد تعيّن على المسلمين أن يذوقوا طعم الانتكاس، برغم أعدادهم الكبيرة وأسلحتهم الموفورة.
كان الازدهاء بتلك القوة قد خامر قلوب بعضهم. ولكن الله ما كان ليرضى لهم ان يستشعروا العجب والغرور؛ كان يؤثر ان يراهم دائما ينظرون اليه بوصفه سناد قوّتهم الأوحد. ولقد وصف القرآن الكريم هذا المشهد في الآية التي استشهدنا بها في مفتتح هذا الفصل.
كان رجال هوازن بارعين في الرماية، وكانوا إلى ذلك قد احتلوا جميع المراكز الاستراتيجية الممتازة. لقد ركزوا خيرة رماتهم فوق