للرسول: [ «مر به بلالا] فليقتله» . فأجابه الرسول: «فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس وقالوا إن محمدا يقتل أصحابه!» بيد انه حين بنى المنافقون، بتحريض من أبي عامر، مسجدا في المدينة وفي نيتهم أن يجعلوه ملتقى للمتآمرين على الاسلام، أصدر الرسول أمره، تنفيذا للأمر الالهي، بأحراقه. وإنما بني ذلك المسجد قبيل معركة تبوك. وطلب المنافقون إلى الرسول أن يفتتح المسجد بالصلاة فيه، فاستمهلهم حتى يعود من حملة تبوك. وفي غضون ذلك علم الرسول، من طريق الوحي الالهي، ان ذلك المبنى لم يكن مسجدا، ولكنه كان في الواقع مرتعا لتدبير المؤامرات للقضاء على الاسلام (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ، وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً، لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ.
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.) * وهكذا اضرم الرسول النار في ذلك المسجد لدن عودته من تبوك. وبعد شهرين اثنين توفي عبد الله. وكان يعرف بين المسلمين ب «زعيم المنافقين» ، وكانت عداوته العميقة الجذور للاسلام أوضح من أن يعتورها أضأل الشك. بيد أنه كان من دأبه في ما يبدو ان
(*) السورة 9، الآيات 107- 110.