الخضر كان يؤثر الكوسا. وكان يكره كل ما تنبعث منه رائحة بغيضة كالبصل. وكان إذا ما جلس للطعام لم ينحن أو يتكىء. حتى إذا ما رافقه رجال اضافيون، عند دعوته إلى طعام ما، لم يحرج المضيف، بل عمد إلى الأيماء في كياسة لكل من المضيف والمتطفلين الذين لا يلبثون ان يلمحوا ذلك الأيماء. وأخيرا كان من دأبه ان يغسل يديه قبل الطعام وبعده وينظف فمه.
وكان لباسه بسيطا أيضا. ولم يكن يجد أيّ غضاضة في ارتداء ثوب مرقّع، أو يتحرّج من الظهور ببزة حسنة. وكان لا يحب ان يرى الذكور يلبسون الحرير، إذ كان يريدهم أن يظهروا بمظهر الرجال. وكان الرسول جد حريص على نظافة ثيابه. ولم يأمر بأن يصنع له خاتم إلا عندما احتاج إلى ذلك لختم رسائله إلى الملوك، ثم إنه أخذ يلبس ذلك الخاتم منذ ذلك الحين.
وفي عاداته كلها كانت النظافة تنصهر مع البساطة انصهارا رائعا.
وكان بيته يتألف من حجرات صغيرة، بنيت من اللّبن، وليس فيها من الأثاث غير فراش وابريق. على هذا النحو عاش حتى عندما فتح خيبر. وحتى يوم زواجه من صفيّة لم يجد في بيته من الزاد ما يساعده على دعوة أصحابه إلى الطعام. فكلفهم ان يحملوا معهم طعامهم، ولقد تألفت وليمة الزفاف من الشعير والتمر. وكانت النار لا تضرم في بيته، أحيانا، طوال أيام موصولة، فكانت اسرته كلها تحيا على التمر والماء ليس غير. وكان يعتبر هذه الدنيا دارا مؤقتة.
ولقد قال مرة ان مثله كمثل مسافر يتوقف عند الظهيرة في ظل شجرة، لمجرد الراحة برهة قصيرة ليس غير، ليواصل السير بعد ذلك. ولا عجب، فقد كان ينظر إلى عرض الحياة الدنيا، إلى الثروة والمتارف، نظرة ازدراء. وكان من دأبه ان يصطنع السّواك في تنظيف أسنانه عدة مرات يوميا. وكان يحافظ على نظافة جسده محافظة شديدة ويكثر من