رقيّة، وقد تزوجت من عثمان [بن عفان] ، وتوفيت يوم انتصار المسلمين في معركة بدر. وكانت ابنته الثالثة هي امّ كلثوم التي زوّجت أيضا من عثمان بعد وفاة اختها رقيّة. أما صغرى بناته جميعا فكانت فاطمة، وقد أنجبت تلك الذرية التي عرف كل فرد من أفرادها بلقب «السيّد» . لقد زوّجت من عليّ. وكان أصغر أولاد خديجة غلاما توفي وهو بعد طفل. والواقع أن الرسول احتسب وهو على قيد الحياة جميع أولاده من خديجة ما عدا فاطمة التي لم تعش بعده إلا ستّة اشهر. ولم يرزق الرسول غير ولد واحد- ابراهيم- من زوجة أخرى، وقد توفي هذا الولد أيضا وهو طفل. وكان الرسول شديد الحب الخديجة، وكثيرا ما كان يتذكرها بتعابير تفيض حنانا، حتى بعد وفاتها. وذات يوم أطرى سجاياها، فطرحت عليه عائشة سؤالا محرجا جدا: ألم يعوّضه الله، في شخصها، زوجا خيرا من خديجة؟ فأجابها الرسول: «لا، لقد آمنت بي حين تخلّى عني الناس جميعا.»
لقد وهب خديجة قلبه كله ونفسه كلّها بسبب من فضائلها الخلقية.
وكان ينفق من مالها، بحرّية، في سبيل الله. ولم تعترض هي قط على إنفاقه ثروتها في أغراض الخير. ولقد اشترت من مالها الخاص عبدا للرسول، ولكنها سرّت عند ما أعتقه. وكان زيد، صاحب الرسول المشهور، عبدا رقيقا ذات يوم أيضا، وهكذا نعم بحريته بفضل كرم خديجة. وحين هبط عليه الوحي ناء الرسول تحت عبء المسؤولية الثقيلة، وتهيّب النهوض بالمهمة التي كلّف أداءها. في تلك اللحظة بالذات طيّبت نفسه المكروبة بهذه الكلمات المشجعة: « [أبشر يا ابن عمّ واثبت، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو ان تكون نبيّ هذه الأمة] ، وو الله لا يخزيك الله أبدا. إنك لتصل الرّحم، [وتصدق الحديث] ، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.» وهذا يظهر إلى أي مدى تأثرت خديجة