وفي عهد جدّ مبكّر، دخل في الاسلام من طريق حماسته التبشيرية الناشطة رجال ذوو مكانة عليّة من مثل عثمان [بن عفان] ، والزبير [ابن العوام] ، وعبد الرحمن [بن عوف] وسعد [بن أبي وقاص] وطلحة [بن عبيد الله] قدّر لهم بعد أن يلعبوا دورا بارزا لا في تاريخ الاسلام فحسب بل في التاريخ العالمي أيضا. وانضمّ إلى جماعة المؤمنين في هذه الفترة المبكرة أيضا نفر ينتسبون إلى طبقة اجتماعية أدنى، ومن هؤلاء بلال [الحبشيّ] ، ويسار [غلام خديجة] وزوجته سميّة وابنه عمّار. وكان عبد الله بن مسعود وخبّاب من السابقين إلى الاسلام، وكذلك كان الأرقم [بن ابي الأرقم المخزومي] الذي جعلت داره مركز نشاط الرسول التبشيري، حوالى السنة الرابعة بعد البعث. وخلال السنوات الثلاث الأولى بلغ عدد الذين دخلوا في الدين اربعين رجلا وامرأة. وهذا ما ينسف الظنّ القائل بأن فترة انقطاع الوحي امتدت أكثر من ثلاث سنوات. إذ ان مثل هذا الافتراض يحتم ان تكون الدعوة إلى الايمان قد بدأت في السنة الرابعة، على حين ان الاسلام كان في الواقع قد اكتسب حتى ذلك الحين عددا من الأتباع كبيرا. والحق ان هذا النمو المطّرد الذي عرفه الاسلام هو الذي روّع المكيين وأثار معارضتهم الشرسة. ومن اجل هذا تعيّن على الرسول أن يشخص إلى موطن ناء عن المضايقات العدوانية لكي يتمكن من اداء رسالته على نحو أحفل بالأمن. ووقع الاختيار على دار الارقم لهذا الغرض. والحقيقة القائلة بأن عدد المسلمين في السنة الرابعة لم يكن أقلّ من أربعين ينهض دليلا قاطعا على ان فترة انقطاع الوحي لم تدم ثلاث سنوات بأية حال، بل لم تدم حتى سنة واحدة.
وتواصل دخول الناس في الدين، وكان في إسلام بعض البارزين من رجال قريش ما زاد في قوة الجماعة الصغيرة. وإنما كان ابرز هؤلاء حمزة، عمّ الرسول وأخوه من الرضاع. وكان رجلا عسكري