نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 238
فقالت: رأيت رجلا، ظاهر الوضاءة [1] حسن الخلق، مليح الوجه، لم تعبه ثلجة، ولم تزر به صلعة، قسيم وسيم، فى عينيه دعج، وفى أشفاره وطف، وفى صوته صحل، أحور أكحل، أزج أقرن فى عنقه سطح، وفى لحيته كثافة اذا صمت فعليه الوقار، واذا تكلم سما، وعلاه البهاء، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، أبهى الناس وأجملهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، ربعة لا تشنؤه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين [2] ، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدا، له رفقاء يحفون به، وإن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود، محشود، لا عابس ولا مفند [3] .
164- هذا وصف من رأوه، وهو يدل على ثلاثة أمور:
[أمور]
أولها: جمال تكوينه الجسمانى
، وكمال التنسيق بين أعضائه، حتى انه لو أراد مصور أن يضع صورة لرجل مكتمل الجسم، منسق الخلق، ما وجد خيرا من هذه الصورة التى يصورها من رأوها، وكان لها روعة عند كل من رأوها، يستوى فى ذلك من خالفه وعانده، ومن أطاعه وصدقه، فهى صفات لها أثرها عند الناظر إليه، وهى تزيدا لموافق تصديقا، وتثير الحقد والحسد، ومحبة الأذى عند من يعانده استكبارا، فإن المكابر يزداد إعناتا، كلما رأى عوامل التأييد لنقيض رأيه تزداد وضوحا وإعلاما، وخصوصا إذا كان صدقا ثابتا بالمعاينة، وليست خبرا يقبل الإنكار.
وإن قريشا كانت تعلم فيه ذلك التكوين، ولذلك لما أرادت أن تعوض أبا طالب عن ابن أخيه قدمت له أنهد فتى فى قريش، ولكن أنى يكون من محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم نور الإنسانية ورسولها.
الأمر الثانى- أن قلبه الطاهر كان يشع على وجهه بالنور
، فهو إذ يمشى يحف به النور الذى أضفاه الله تعالى عليه بتطهير قلبه، وتنوير نفسه بالخير، فكان كما قالت أم معبد «وضاء الجبين متلألئا بالنور، من غير استكبار ولا استعلاء، بل كان بين الناس متطامن النفس، دان إليهم، وهو فيهم كأحدهم، لولا فضل الرسالة، وما جعله الله تعالى له من مكان ليصل القول الطيب إلى أمته» .
الأمر الثالث- شدة جاذبيته صلى الله تعالى عليه وسلم
مع الهيبة التى تفرض قولها على الناس، ومع كمال المحبة واستشراف النفس المحبة إليه، أو النفس الخالية من ضغن أو حقد، أو إعنات فى المخالفة، فإن النفس التى تكون على هذه الشاكلة توجد فيها مقاومة للتأثير النفسى الذى يتجه إلى البراءة، وإنها [1] الوضاءة الجمال، وأبلج الوجه معناه مشرق، والثلجة كبر البطن، والصعلة صغر الرأس، والقسيم والوسيم من سلامة التكوين، والدعج شدة سواد حبة العين، والوطف طول رمش العينين، والصحل بحة يسيرة تجعل للصوت تأثيرا. [2] غصنان هما الاثنان اللذان يحيطان به أبو بكر، والدليل. [3] محفود أى مخدوم، ومحشود معناه أن من معه يحيطون به، ومعنى عير مفند لا يجابه غيره بالتخطئة والمخالفة.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 238