responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 318
الاخر، لأنه عليه الصلاة والسلام يعلم أنهم عنه غافلون «والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتجزون بالإحسان إحسانا، وبالشر شرا، وإنها للجنة أبدا أو للنار أبدا، وإنكم لأول من أنذر بين يدى عذاب شديد» .
إن المشركين من العرب كانوا قوما ماديين لا يؤمنون إلا بالحس، يعرفون الله، ولكن يصورون حجارة ليعبدوها فلا يعبدونه سبحانه، وهو غيب عنهم، فكان كل هذا غريبا، ومن يستغرب من غير دليل، ينكر، ثم يستنكر من غير دليل أيضا، ولقد حكى الله تعالى عنهم فى إنكار اليوم الاخر وما يكون:
وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ، أَإِذا كُنَّا تُراباً، أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ. أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ، وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [1] .
ويقول سبحانه وتعالى فى استغرابهم الخلق من جديد: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [2] .
ولجهلهم بالنبوات أثار عجبهم، والغرابة فى نفوسهم أن جاءهم بالرسالة عن الله تعالى رجل منهم يدعو إلى الله سبحانه، ولو كانوا يعلمون أن الرسول لا يكون إلا رجلا يمشى بين الناس ما ثار عجبهم لكونه رجلا، ولقد قال قائلهم فى الدعوة إلى التمسك بالحجارة: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ، إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ. أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا، بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي، بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ [3] ، وهكذا كانت من أسباب غرابتهم بشرية الرسول، لأنهم أميون لم يعرفوا الرسالة، ولم يدركوها من قبل.
ولقد قال الله تعالى عنهم: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ، لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ، فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً. أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ، أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها، وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً [4] .
فجهلهم بالنبوات والرسلات، وعدم وجود أنبياء بينهم علموا منهم رسالات الله تعالى إلى خلقه، وأن الرسل قوم من البشر، جعلهم يستغربون أن يكون الرسول بشرا سويا يأكل مما يأكلون، ويشرب مما يشربون، وإذا كان الأمر غريبا عليهم، فقد كان حقا عليهم أن يتعرفوا الحقائق لتزول الغرابة عنهم، ويستأنسوا بنور النبوة، ولكنهم عاندوا فلج بهم العناد، فكان منهم الجحود والكفران.

[1] سورة الرعد: 5.
[2] سورة يس: 78.
[3] سورة ص: 6، 7.
[4] سورة الفرقان: 7، 8.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست