responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 319
227- وإن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم بهذه الدعوة التى تسوى بين الغنى والفقير، وتوجب حقا للفقير فى مال الغنى- قد مس كبرياءهم وهز مراكزهم هزا عنيفا، وأحسوا بالأرض تميد من تحتهم إذ أن ذوى الأنساب منهم يستعلون بأنسابهم، ويحسبون أنهم الأشراف واحدهم، والناس دونهم، وهم الأعلون وغيرهم الأدنى، فكان لابد أن يقاوموا ذلك الداعى الجديد الذى يقول بلسان المقال وبلسان الفعال «لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى، وأن الجنة لمن أطاع، ولو كان عبدا حبشيا، والنار لمن عصى، ولو كان شريفا قرشيا» فهو يأخذ بنواصى الأقوياء ليضعها بجوار رؤس الضعفاء، وقد لمحوا ذلك فى أتباعه، فقد رأوا أبا بكر نسابة العرب ومألف قريش، يكون بجوار بلال وعبيد أبى بكر نفسه، لا يفرق بينهما إلا فضل الإيمان، فهو مقياس الشرف والضعف، والإكبار والإصغار.
بلا شك هذه مباديء اجتماعية لا يقبلها شرفاء مكة ورؤساؤها، ومحمد عليه الصلاة والسلام لابد منفذها، لأنه كان ينفذها قبل أن يكون نبيا رسولا، فكيف لا ينفذها، وقد نزل الوحى عليه، وجعلها هو نظاما واجب الاتباع، من لم ينفذه إن لم يعاقب اليوم فالنار الموقدة تلقاه يوم القيامة، ويلقى به فى السعير.
وقد قوى هذا أن الضعفاء أقبلوا على ما يدعو إليه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم غير نافرين منه، بل كانوا مستجيبين أشد الاستجابة، وابتدأ الأقوياء الذين دخلوا فى الإسلام يعاملون الرقيق، كما يعاملون الأحرار.
إذن لابد من مقاومة ذلك التيار الذى جاء مع الدعوة، ولا يتركونه حتى ينمو، ويستغلظ ويستوى على سوقه، ويكون قوة تقوض ما تحت أيدى قريش من شرف وهمى، وسلطان استمدوه من ذلك الشرف الواهن فى بنيانه.
ثم إنهم كانوا الرؤساء الأعلون، ولهم شبه سلطان، وإنه إذا ذاع دين محمد عليه الصلاة والسلام، وصار السلطان للحق واحده، وحكمت المساواة، وذهبت المنازعات القبلية، فمحمد ذو السلطان، ويسلب كل ما لهم من سلطان، وما بنوه من مجد طريف وتالد ينهدم بين أيديهم، لأنهم يبنون سلطانهم على أنهم ذرية إسماعيل وضئضيء إبراهيم وها هو ذا يدعوا إلى ديانة إبراهيم، ويقول فى غير عوجاء ولا لو جاء، هذه ملة إبراهيم حنيفا، وما كان من المشركين، فأنى يكون لهم من بعد ذلك، لابد إذن من اقتلاع دعوة محمد عليه الصلاة والسلام من جذورها، والقضاء عليها فى مهدها.
ثم إن بعض الكبراء منهم كانوا ينفسون على محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، ويتسائلون لماذا كانت له تلك المنزلة علينا، ونحن أولى بها منه.
وقد ذكر ذلك الوليد بن المغيرة، وادعى أنه أولى بالنبوة وأنه أكثر مالا وأعز نفرا، ومثل ذلك عروة ابن مسعود الثقفى، ونزل فيهما قوله تعالى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ

نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست