responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 348
فقال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها، وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها، ولا ما يراد بها. وقال الأخنس: وأنا كذلك، وذهب الأخنس من عند أبى سفيان، وأتى أبا جهل فقال:
يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد، فقال: ماذا سمعت، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشريف، أطعموا، فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتنى تحاذينا على الركب وكنا كفرسى رهان قالوا منا نبى يأتيه الوحى من السماء فمتى ندرك مثل هذا؟ والله لا نؤمن أبدا، ولا نصدقه» وقد نقلنا ذلك الجزء من قول أبى جهل.
249- والمقصود من ذلك الخبر أنهم كانوا ينجذبون نحو سماع القران الكريم، كما يتجه إلى السماع والتلاوة المؤمنون، بيد أن الفرق بينهما، كالفرق بين من يستمع طالبا الحق مذعنا له، ومن يطلب غير الحق، ولكن يجذبه إليه حلاوته وطلاوته.
ولذلك ما كانوا يؤمنون، وكأن الله تعالى مقلب القلوب جذبهم إليه ليعرفوا البينات، والأدلة القائمة ليهتدوا، فإن كفروا من بعد ذلك فعن بينة وسماع، ومعرفة بالدليل، ثم الإعراض.
وقد كان الإعراض شأن من كتب عليهم الضلال، ولا معذرة لهم لأنهم اشتروا الضلالة، ورغبوا عن الهداية، ومع أنهم كانوا يتهافتون على سماعه فى جنح الليل البهيم، وكلما تواعدوا ألا يفعلوا نكثوا فى عهودهم كان النبى عليه الصلاة والسلام إذا تلا عليهم القران الكريم جهارا نهارا استهزؤا، ولم ينصتوا خشية أن يكثر أتباع النبى عليه الصلاة والسلام، وكانت دعوته قذى فى عيونهم، وغصة فى حلوقهم.
قال ابن إسحاق: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا تلا عليهم القران الكريم ودعاهم إليه، قالوا يهزؤن: قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه، وفى اذاننا وقر، ومن بيننا وبينك حجاب، فاعمل إننا عاملون.
فحكى الله تعالى عنهم قولهم: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً. وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً، وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً. انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا. وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً. قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً. أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ، فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [1] .

[1] سورة الإسراء: 45- 51.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست