نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 349
وهذه الايات الكريمة مع ما ذكر من حرص عتاة الكفار على سماع القران الكريم تدل على ثلاثة أمور:
أولها: أن القران الكريم كان يجذبهم إلى الاستماع إليه، لما فيه من بلاغة تجذب أهل البيان لاستماعه وتعرف منزلته، وبهذا يدركون الفرق بين كلامهم وكلامه، ويذكرون الفرق بين البيان البشرى، وكلام رب العالمين حجة الله تعالى البالغة إلى يوم الدين، وإذا كانت الايات الحسية تبهرهم وتقرع أسماعهم، فيراها أكثرهم بينة، فكذلك تلك الاية المعنوية تجذب قلوبهم وتسترعى أسماعهم، فيعلم بها الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم، وبذلك تقوم الحجة، وتقوم البينة، ولا حجة لهم فى الجهل، ولا فى الاعتذار.
ثانيها: أنهم مع عدم المطالبة بأن يأتوا بمثله قد أحسوا بالعجز عن أن يأتوا بمثله، كما رأوا فيه من بيان لا يصلون إليه، وروعة بلاغة لم يستمعوا إليها، حتى يقول قائلهم، وقد استمر على كفره وضلاله:
«إنه يعلو ولا يعلى عليه، ما يقول هذا بشر» فهم أذعنوا لبلاغته، ولم يذعنوا لدعوته، فاستحبوا الكفر على الإيمان، مع قيام الدلائل.
ثالثها: إن إنكارهم سبق الرغبة فى طلب الحقيقة، ومن كان كذلك لا يهديه دليل، ولا تقنعه حجة، لأنه حينئذ لا يطلب حقا، فلا يحاول أن يتعرف الطريق الذى يتأدى به إلى الإيمان، لأن من سلك طريقا معوجا غير موصل إلى المطلوب للحق، لا يصل إليه، وكلما أمعن فيه بعد عن الهداية كلما أوغل ازداد نكرا، ومهما يناده رائد الحق لا يستمع إليه، لأنه بعد عنه وإن يسمع لا يكن جواب من قلبه.
ومن سلك الطريق المستقيم وصل إلى الحق، لأن الأمارات والظواهر هادية قائمة، والطريق المستقيم هو الإخلاص فى طلب الحق غير مربد قلبه بهوى أو شهوة، أو أثرة ما حقة للخير مغلقة على النفس أبوابه.
الايذاء والفتنة
250- منذ جاءت الدعوة المحمدية، وقد حاول أهل العصبية الجاهلية الذين ينفسون على البيت الهاشمى مكانته، والذين من دأبهم أن يحسدوا الناس على ما اتاهم الله، والذين ألفوا رجس الجاهلية من عبادات، وتحريم الطيبات من الرزق، وقد حاول كل أولئك مجتمعين ومنفردين الوقوف فى وجهها، وهى تنمو وتزيد، تسعى قدما، ولا تتأخر. وإذا كان السير بطيئا، فهو متواصل من غير وناء ولا قصور، وكلما انبلج نوره واتسعت دائرته، ظنوا أنها دعوة قابلة للإنطفاء، فحاولوا إطفاءها بالحيلة والعرض الذى يشبه
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 349