قال الزرقاني: "والجمهور على أنها لم تقاتل يوم حنين كما قدمه المصنف في (بدر) [1] لأن الله تعالى قال: {وَأَنْزَلَ جُنُوداً لمَ تَرَوهَا} ولا دلالة فيه على قتال، وفي تفسير ابن كثير: المعروف من قتال الملائكة إنما كان يوم بدر"2.
قال ابن مرزوق[3]: "وهو المختار من الأقوال، ثم قال الزرقاني: وثالث الأقوال: أنها لم تقاتل في بدر ولا في غيرها، وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين، وإلا فملك واحد يكفي في إهلاك الدنيا، وهذه شبهة دفعها الإمام السبكي[4] بقوله: سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة معه - صلى الله عليه وسلم - مع قدرة جبريل على دفع الكفار بريشة من جناحه، فقلت: ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسننها التي أجراها الله في عباده، والله فاعل الجميع"5. إهـ.
والخلاصة في هذا أن الآية ذكرت بأن هناك جنودا أنزلها الله في غزوة حنين لتثبيت المؤمنين وتقويتهم، ووردت هذه الآثار تدل على اشتراك الملائكة في هذه الغزوة وهذه الآثار تشد بعضها بعضاً وفيها ما نص العلماء على أن رجالها ثقات وبمجموعها تكون على أقل تقدير من قبيبل الحسن لغيره وجرت عادة المفسرين أنهم يذكرون حول تفسير هذه الآية هذه الآثار وأن المراد بالجنود في الآية هم الملائكة على أن الآية لم تتعرض لعدد الملائكة الذين نزلوا لتأييد المؤمنين، كما أنها لم تتعرض أيضا لبيان أن الملائكة باشرت القتال مع المسلمين. [1] انظر: (المواهب اللدنية 1/82) .
(تفسير ابن كثير 1/401) . [3] ابن مرزوق: ذكر كحالة في معجم المؤلفين أربعة كل واحد منهم يقال له ابن مرزوق وكلهم مؤلفون وكلهم فبل الزرقاني، ولم أستطع تمييز واحد من بينهم. (انظر: معجم المؤلفين لكحالة6/270، 8/317 و9/16و11/187) . [4] هو علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام، تقي الدين السبكي، الخزرجي الأنصاري، أبو الحسن الدمشقي الشافعي صاحب كتاب "شفاء السقام في زيارة خير الأنام" في الرد على ابن تيمية، وكمل على شرح المهذب للنووي في خمس مجلدات وهو والد تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب صاحب كتاب "طبقات الشافعية الكبرى" (683- 756هـ) أبو المحاسن محمد بن علي تلميذ. الذهبي: تذكرة الحفاظ ص39- 40، تلميذ الذهبي: ذيل تذكرة الحفاظ ص39- 40.
(الزرقاني: شرح المواهب 3/23. وابن حجر: فتح الباري 7/313) .