وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين في اليوم العاشر من شوال، فيبقى عشرة أيام من شهر شوال، فإذا كان حصار الطائف شهرا فيكون قد أخذ عشرين يوما من ذي القعدة، ويكون قد بقى عشرة أيام من ذي القعدة فلا تكفي لرجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة وانتظاره هوازن بضع عشرة ليلة ثم بعد ذلك إحرامه بالعمرة وعوده إلى الجعرانة كل هذا في ذي القعدة ثم خروجه إلى المدينة وقد وصلها لست ليال بقيت من ذي القعدة في قول ابن حزم وابن هشام[1].
ومثل هذا ما أخرجه مسلم وأحمد من حديث السميط عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الطائف فحاصرهم أربعين يوما.
وهذا سياقه عند مسلم: قال: حدثنا عبيد الله[2] بن معاذ وحامد[3] بن عمر ومحمد بن عبد الأعلى. قال ابن معاذ: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه[4] قال: حدثني السميط عن أنس بن مالك قال: افتتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينا فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت. فصفت الخيل ثم صفت المقاتلة" الحديث وفيه "قال فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم "يال[5] المهاجرين! يال المهاجرين" ثم قال: "يال الأنصار! يال الأنصار" قال: قال أنس: هذا الحديث عمية[6]. [1] ابن حزم: جوامع السيرة ص 248 وابن هشام: السيرة النبوية 2/500 وابن كثير: البداية والنهاية 4/368 والزرقاني: شرح المواهب: 3/42 والسهيلي الروض الأنف 7/255. [2] عبيد الله هو: ابن نصر العنبري أو عمرو البصري. [3] حامد بن عمر بضم أوله كذا هو في تهذيب التهذيب 2/169 والخلاصة للخزرجي 1/189 والتاريخ الكبير للبخاري 3/125. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/300 ووقع في التقريب الطبعة المصرية 1/146 (عمرو) بفتح أوله وهو خطأ. [4] هو سليمان بن طرخان التيمي، أبو المعتمر البصري. [5] قوله: "يال المهاجرين! يال المهاجرين! " ثم قال: "يال الأنصار يال الأنصار! " قال النووي: "هكذا في جميع النسخ في المواضع الأربعة (يال) بلام مفصولة مفتوحة، والمعروف وصلها بلام التعريف التي بعدها" (شرح النووي على مسلم 3/102) .
قال محمد فؤاد عبد الباقي: "وهي لام الجر، إلا أنها تفتح في المستغاث به، فرقا بينها وبين مستغاث له، فيقال يالزيد لعمرو، بفتح الأولى وكسر في الثانية" (التعليق على صحيح مسلم 2/337. (انظر شرح قطر الندى لابن هشام ص 218) . [6] قوله: "هذا حديث عمية": قال النووي: "هذه اللفظة ضبطوها في صحيح مسلم على أوجه:
أحدها: (عمية) بكسر العين والميم وتشديد الميم والياء.
قال القاضي: "كذا روينا هذا الحرف عن عامة شيوخنا، وفسر بالشدة".
والثاني: (عمية) كذلك إلا أنه بضم العين.
والثالث: (عمية) بفتح العين وكسر الميم المشددة، وتخفيف الياء وبعدها هاء السكت، أي حدثني عمي، قال القاضي: على هذا الوجه معناه عندي: جماعتي أي: هذا حديثهم، قال صاحب العين (العم) الجماعة قال القاضي: وهذا أشبه بالحديث.
الرابع: كذلك إلا أنه بتشديد الياء وهو الذي ذكره الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين، وفسره بعمومتي أي: هذا حديث فصل أعمامي أو هذا الحديث الذي حدثني به أعمامي كأنه حدث بأوّل الحديث عن مشاهدة، ثم لعله لم يضبط هذا الموضوع لتفرق الناس فحدثه به من شهده من أعمامه أو جماعته الذين شهدوه ولهذا قال بعده: قال قلنا لبيك يا رسول الله. والله أعلم" (شرح النووي على صحيح مسلم 3/102) .