والفيء: مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع، وهو كل مال دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف"[1].
وقال محمد الأمين الشنقيطي: "اعلم أن أكثر العلماء: فرقوا بين الفيء والغنيمة. فقالوا: الفيء ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انتزاعه منهم بالقهر، كفيء بني النضير.
وأما الغنيمة: فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، وهذا التفريق يفهم من قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية مع قوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} ، [سورة الحشر، الآية: 6] .
فإن قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ} الآية. ظاهر في أنه يراد به بيان ما أوجفوا عليه، وما لم يوجفوا عليه كما ترى.
ثم قال رحمه الله: وعلى هذا القول فلا إشكال في الآيات، لأن آية {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ذكر فيها حكم الغنيمة، وآية {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِه} ذكر فيها حكم الفيء.
وأشير لوجه الفرق بين المسألتين بقوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} أي فكيف يكون غنيمة لكم، وأنتم لم تتعبوا فيه ولم تنتزعوه بالقوة من مالكيه، ثم قال: وقال بعض العلماء، إن الغنيمة والفيء شيء واحد، فجميع ما أخذ من الكفار على أي وجه كان غنيمة وفيئا، وهذا قول قتادة رحمه الله، وهو المعروف في اللغة والعرب تطلق اسم الفيء على الغنيمة[2].
ثم قال: ولكن الاصطلاح المشهور عند العلماء هو ما قدمنا من الفرق بينهما وتدل له آية الحشر المتقدمة. [1] الجامع لأحكام القرآن 8/1-2 والفتاوى لابن تيمية 28/269 و562، وتفسير ابن كثير 2/284 و310 وتكملة المجموع 18/136 لمحمد حسين العقبي وأضواء البيان للشنقيطي2/352، وروائع البيان للصابوني1/588 وفتح القدير للشوكاني: 2/309، وجامع البيان للطبري 9/171 و10/2. [2] ومنه قول مهلهل بن ربيعة التغلبي:
فلا وأبي جليلة ما أفأنا
من النعم المؤبل من بعير
ولكنا نهكنا القوم ضربا
على الأثباج منهم والنحور
يعني أنهم لم يشتغلوا بسوق الغنائم ولكن بقتل الرجال، فقوله: أفأنا يعني غنمنا. (أضواء البيان 2/353) .