المبحث الثالث: اعتراض ذي الخويصرة التميمي على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسم الغنائم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر - وهو لحنين - بالغنائم أن تجتمع وأن تحبس في الجعرانة حتى يعود من الطائف، ثم توجه صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين إلى الطائف فضرب عليها الحصار كما مر ذلك مفصلاً[1].
ثم قرر صلى الله عليه وسلم العودة إلى الجعرانة فوصلها ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة، وأقام بها ثلاث عشرة ليلة ينتظر هوازن لعلها أن تقدم مسلمة فيرد إليها سبيها وأموالها، ولما لم تقدم في هذه المدة[2]، شرع صلى الله عليه وسلم في توزيع الغنائم حسب ما تقتضيه المصلحة العامة، فوضعها في موضعها اللائق بها، غير أن بعض أهل الزيغ والنفاق عباد الدينار والدرهم انتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صنيعه هذا ونسبه إلى الجور والظلم فخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بلهجة قاسية تنبئ عما انطوت عليه نفسه من الحقد والغل والبعد عن هدي الإسلام وتعاليمه السامية "يا محمد اعدل" فتألم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وغضب غضبا شديدا حتى طلب عمر بن الخطاب الإذن منه في قتل هذا المنافق الخبيث، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك وقال: "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي". ذلك أن هذا القائل معدود في الصحابة وله شيعة وأتباع، فالحكمة تقتضي عدم قتله وأن يتركه وما تولى، وهذا ما دلت عليه الأحاديث الآتية:
أ- فقد جاء في حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عند البخاري ومسلم وغيرهما وهذا سياقه وهذا سياق مسلم:
182- حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث[3] عن يحيى[4] بن سعيد عن أبي الزبير[5] عن جابر بن عبد الله قال:
1في مبحث (حصار الطائف) ص (278) . [2] انظر: مبحث (فك الحصار عن الطائف والعودة إلى الجعرانة) ، ص (328) . [3] الليث: هو ابن سعد الفهمي. [4] هو الأنصاري النجاري. [5] أبو الزبير، هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي.