أتى رجل[1] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد! اعدل[2].
قال: "ويلك[3]! ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ لقد خبت[4] وخسرت، إن لم أكن أعدل".
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "دعني[5] يا رسول الله فأقتل هذا [1] وعند أحمد "رجل من بني تميم" وفي حديث أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو ابن العاص أنه ذو الخويصرة التميمي، انظر حديث (184) وتعليقة (4) من ص 384 وفتح الباري 8/69. [2] وعند البخاري: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنيمة الجعرانة إذ قال له رجل: اعدل، قال: "لقد شقيت إن لم أعدل" وعند الحميدي: قال قال أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين بالجعرانة والتبر في حجر بلال، فجاءه رجل فقال: يا محمد اعدل فإنك لم تعدل، قال: "ويحك، فمن يعدل إذا لم أعدل".
وعند ابن ماجة "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم وهو في حجر بلال، فقال رجل: اعدل يا محمد، فإنك لم تعدل، فقال: "ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل"؟
وعند أحمد: قال أبو الزبير سمعت جابراً يقول: بصر عيني وسمعت أذني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبضها للناس يعطيهم، فقال رجل: اعدل.
وعند الطبراني عن جابر، قال: "أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبضها للناس فيعطيهم، فقال له رجل: يا رسول الله! اعدل". [3] ويل: كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقها، والويل: حلول الشر وكلمة عذاب (هدي الساري لابن حجر ص 207 والمعجم الوسيط 2/1061) . [4] عند البخاري وأحمد "لقد شقيت إن لم أعدل".
قال النووي: قوله: "خبت وخسرت" روي بفتح التاء فيهما وضمهما ومعنى الضم ظاهر، وتقدير الفتح خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل، والفتح أشهر".
وقال ابن حجر: في رواية البخاري "لقد شقيت": هو بضم المثناة للأكثر، ومعناه ظاهر ولا محذور فيه والشرط لا يستلزم الوقوع؛ لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يحصل له الشقاء، بل هو عادل فلا يشقى، ثم قال: وحكى عياض فتحها ورجحه النووي، وحكاه الإسماعيلي عن رواية شيخه المنيعي من طريق عثمان بن عمر عن قرة والمعنى: "لقد شقيت أي ضللت أنت أيها التابع حيث تقتدي بمن لا يعدل أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول الذي لا يصدر عن مؤمن" (انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 3/106 وفتح الباري لابن حجر 6/243) . [5] وعند ابن ماجة: "دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق" وعند أحمد فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق الخبيث". وعنده أيضا فقال عمر: يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق، قال: "معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمد يقتل أصحابه" وقد جاء في بعض طرق حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين أن خالد بن الوليد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله أيضا، قال ابن حجر: "ولا تنافي في ذلك لاحتمال أن يكون كل منهما سأل في ذلك، ثم رأيت عند مسلم من طريق جرير عن عمارة بن القعقاع بسنده فيه: "فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: لا، ثم أدبر فقام إليه خالد بن الوليد سيف الله فقال يا رسول الله أضرب عنقه؟ قال: لا.".
فهذا نص في أن كليهما سأله..
ثم قال: وقد استشكل سؤال خالد في ذلك لأن بعث علي إلى اليمن كان عقب بعث خالد بن الوليد إليها والذهب المقسوم أرسله علي من اليمن كما في صدر حديث ابن أبي نعم عن أبي سعيد، ويجاب بأن عليّاً لما وصل إلى اليمن رجع خالد منها إلى المدينة فأرسل علي الذهب فحضر خالد قسمته.
وأما حديث عبد الله بن عمرو فإنه في قصة قسم وقع بالجعرانة من غنائم حنين والسائل في قتله عمر بن الخطاب جزما، وقد ظهر أن المعترض في الموضعين واحد. فتح الباري 8/69 و12/291 و293) .
وانظر تخريج حديث أبي سعيد الخدري تحت (184) تعليقة (4) ص 384 وحديث عبد الله بن عمرو (184) .