مع كل الأسباب آنفة الذكر التي استعرضها الجعفري فانها لا تكاد تكون مقنعة تماما بالسبب الذي من أجله عزف العلماء عن اقتباس بعض نصوص هذا الكتاب أو الترجمة لمؤلفيه، إذ ان تواضع العالم ليس له اثر قوي وملموس في عدم اشتهار كتبه فقط، بل هناك أسباب أخرى قد كانت وراء هذا العزوف من قبل العلماء، وهذه الأسباب تكمن في طبيعة بعض الروايات التي أوردها اليعقوبي في ما يخص بعض الحوادث التي اختلفت فيها الاراء وتضاربت إلى حد النقيض مثل حادثة الاسراء والمعراج وتفاصيلها [65] ، والحوادث التي جرت في المغازي ومواقف بعض الصحابة منها [66] ، وحجة الوداع وما رافقها من أمور [67] ، إلى غير ذلك من الحوادث التي حدثت بعد عصر الرسالة والتي أصبحت مثار التراع والاختلاف بين المسلمين في دقة تفاصيلها [68] .
إن إيراد اليعقوبي لهذه الروايات التي تحدثت عن تلك الحوادث قد اتسمت بالجرأة في التعرض إلى مواقف أحجمت عن ذكرها باقي الكتب، فضلا عن ذلك فإن الذي وصل إلينا من تأريخ اليعقوبي ليس كل كتابه الذي صنفه بل إن في نهايته نقصا، وذلك لأنه ينتهي بحوادث سنة (256 هـ) [69] ، مع العلم أن وفاته قد حددها أحد الباحثين بالسنوات القليلة التي تلت سنة (292 هـ) [70] ، [65] ينظر، التأريخ، 2/ 22- 23. [66] ينظر، المصدر نفسه، 2/ 41، 43، 44، 45- 46، 50، 52. [67] ينظر، المصدر نفسه، 2/ 102. [68] ينظر، المصدر نفسه، 2/ 112- 116، 146- 147، 157، 158. [69] ينظر، التأريخ، 3/ 247. [70] ينظر، الجعفري، اليعقوبي، ص 26.