2. خصص اليعقوبي حيزا مستقلا من السيرة التي شملها كتابه التأريخ باستعراض بعض الخطب والأحاديث والأحكام التي قالها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم [61] ، إذ كان لهذه الظاهرة أثر ملموس في المصنفات التي تلت كتاب اليعقوبي هذا والتي تضمنت ذكرا لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله [62] ، وإن لم تشر هذه المصنفات ضمنا إلى من سبقها في هذا الأمر من إيراد بعض أقوال وخطب الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، وهذا الأمر ينسحب أيضا على باقي المستجدات والجوانب التي اضفاها اليعقوبي على كتابة السيرة النبوية بخاصة والتأريخ بعامة، إذ لم تجد لا السيرة ولا باقي أجزاء الكتاب مكانا واضحا في الكتب التي تلت كتاب اليعقوبي هذا من حيث اقتباس تلك الكتب لبعض نصوصه.
أرجع أحد الباحثين أسباب هذه الظاهرة إلى: " أن اليعقوبي كان مثالا للعالم المتجرد الذي يعمل في صمت بعيدا عن الأضواء فمن ملاحظة مقدمات كتبه نراه لم يذكر شيئا عن نفسه ولم يدع الكمال في كتابة بحوثه كما فعل غيره ...
ولذلك لم يشتهر لأنه لا يحب الشهرة، وربما يعود أيضا إلى طابع عصره إذ أن علماء ذلك العصر لم يقيموا لأنفسهم وزنا لذلك لم يكتبوا شيئا عنها" [63] ، وهذا ما يفسر لنا إنفراد الحموي عن باقي العلماء على إيراد ترجمة لليعقوبي في كتابه (معجم الأدباء) [64] . [61] ينظر، المصدر نفسه، 2/ 79- 98. [62] ينظر، المسعودي، مروج الذهب، 2/ 300- 303، ابن الجوزي، الوفا بأحوال المصطفى، ص 543، 578. [63] الجعفري، اليعقوبي، ص 24. [64] ينظر، 5/ 153- 154.