بوضع حد فاصل بين كتابة التأريخ على وفق الحوليات أو المواضيع مع استعمال المنهج الموضوعي في التعرض لإشباع السنوات التي حصلت فيها الحوادث [80] .
2. الحيادية والصراحة وعدم المحاباة في عرض الروايات المتعارضة في الخبر الواحد أو التي أحجمت بعض المصنفات من إيرادها، وهذا ما بينته مقالته التي افتتح بها كتابه والتي مفادها: " وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره في مما شرطت أني راسمه في إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والاثار التي أنا مسندها إلى رواتها دون ما أدرك لحجج العقول واستنبط بذكر النفوس إلا اليسير منه إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضيين وما هو كائن في أنباء الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهده ولم يدرك زمانه إلا بأخبار المخبرين ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس، فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضيين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يأت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض الناقلين إلينا وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا" [81] .
فهو بذلك يبرئ ذمته من كتابه ويرى أنه قد أدى أمانة نقلها إلى الناس ولهم الحكم الأول والاخر عليها من حيث صحة أو كذب مضامينها. [80] ينظر، تأريخ الرسل والملوك، 2/ 239- 393، 3/ 159- 183. [81] المصدر نفسه، 1/ 7- 8.