شغلت سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم مكانا بارزا في مصنفات المسعودي ولا سيما كتبه التي خصصها للحديث عن التأريخ العام للمسلمين وغيرهم، وذلك من الإشارات المتكررة التي حوتها المصنفات التي وصلت إلينا من نتاج المسعودي مثل كتاب (مروج الذهب) وكتاب (التنبيه والأشراف) [124] ، فلو كانت تلك المصنفات التي أحال إليها المسعودي موجودة لوجدنا مدى الحجم الهائل الذي خصص لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم منها، ولكن لم يسلم من تراث المسعودي سوى هذين الكتابين آنفي الذكر، واللذين سنستعرض مكانة كل منهما في الإطار العام لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، في كتب التأريخ العام.
أولا: كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر:
إن هذا الكتاب في الأصل هو مختصر لكتابيه: (الكتاب الأوسط في الأخبار) ، و (أخبار الزمان ومن أباده الحدثان) ، إذ بين المسعودي هذا الأمر في ديباجة كتابه هذا [125] .
اتبع المسعودي في كتابه هذا منهجا موضوعيا تناول فيه الحوادث بحسب وقائعها دون الاعتماد على السنوات التي حصلت فيها تلك الحوادث [126] .
اتسمت كتابة المسعودي للتأريخ في كتابه هذا بأنها قد اضفت طابعا تجديديا له، وذلك في قيام المسعودي باستعراض كتب التأريخ والأخبار قبله وتحليلها ونقدها وتبيان مواطن القوة والضعف فيها، وهذا ما بينته مقالته التي مفادها: [124] ينظر، مروج الذهب، 2/ 217، 281، 283، 284، 285، 298، التنبيه والأشراف، ص 4- 5. [125] ينظر، مروج الذهب، 1/ 9- 10. [126] ينظر، المصدر نفسه، 2/ 265- 269، 287- 289، 292- 297.