كل ذلك فإن هذا لم يمنع بعض العلماء من أن يصفوه بعبارات الثناء، إذ أطراه طاش كبري زاده وأثنى عليه وعده من الكتب المهمة في إثبات أمارات النبوة [74] ، وفعل الشيء نفسه حاجي خليفة حين وصف هذا الكتاب بعبارات الإعجاب [75] .
فضلا عن ذلك فقد إهتم بعض الباحثين والمحدثين به، وعدوه من أحد أنفع الكتب وأحسنها في هذا العلم (أعلام ودلائل النبوة وإثباتاتها) ، على الرغم من كثرتها [76] .
وما ذلك إلا لطبيعة الكتاب القائمة على مناقشة النصوص بأسلوب المتكلمين الصعب من حيث سلاسة عباراته وألفاظه، فضلا عن أن الطروحات التي عرضها الماوردي في كتابه هذا لم يسر أحد على منوالها من الذين تأخروا عنه، إذ اختصروا في عرضهم دلائل النبوة على مجرد جمعها من دون إعطاء إيضاحات مسبقة للغاية من عرض هذه الأعلام ومناقشتها وتأسيس الأحكام عليها كما فعل الماوردي بل كانت مجرد استقصاء للروايات التي تحدثت عن دلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأعلامه [77] ، وما ذلك إلا لانتفاء المسوغ من تكرار ما قيل في ذلك ما دامت القناعة في النبوة قد تولدت ولم تظهر عند المتأخرين مشكلة مثل التي ظهرت في القرون التي سبقتهم. [74] ينظر، مفتاح السعادة ومصباح السيادة، 1/ 263. [75] ينظر، كشف الظنون، 1/ 126. [76] ينظر، كرد علي، محمد، كنوز الأجداد، مطبعة الترقي، دمشق، 1950، ص 224، السرحان، محي هلال، مقدمة التحقيق لكتاب أدب القاضي للماوردي، وزارة الأوقاف العراق، 1974، 1/ 51. [77] ينظر، ابن كثير، البداية والنهاية، 6/ 65- 301، ابن سيد الناس، عيون الأثر، 2/ 286- 288.