خراسان وبغدان وتصغي إليه القلوب وتسمع إليه الاذان وتردده الألسن استطابة كأنها الاذان" [26] .
شكل اعتداد ابن دحية بنفسه وبكتابه الذي صنفه سابقة خطيرة لم تعهدها المصنفات التي سبقته، إذ كان أغلب المصنفين الذين استعرضنا كتبهم في هذه الدراسة قد بالغوا في التقليل من قيمة ما كتبوه والاعتذار من قراء كتبهم هذه، إن بدر منهم أي زلل فيه لأنه بحسب اعتقادهم لم يولوا مصنفاتهم تلك عناية تامة، ولم يبذلوا فيها جهدا يستحق المفاخرة، مع العلم أنهم كانوا خلاف ما كانت عليه مصنفاتهم من الهشاشة والاسترسال [27] .
بين تفاخر ابن دحية بنفسه صدق المقالة التي وصفه بها أحد المترجمين له والتي مفادها: " كان أبو الخطاب يدعي أشياء لا حقيقة لها" [28] .
5. توظيف معظم جوانب السيرة المتفرقة والتقاط ما يمكن التقاطه من خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، إذ وظف معجزات الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وقارنها بمعجزات من سبقه من الأنبياء [29] صلى الله عليه وآله وسلّم، فضلا عن علاقته مع زوجاته [29] ، كذلك وظف العقائد التي دعا الإسلام إلى الإيمان بها، ولا سيما الشفاعة من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لمذنبي أمته، إذ جعلها ابن دحية من ضمن خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم [30] . [26] المصدر نفسه، ص 34- 35. [27] عن وصف بعض العلماء لكتبهم، ينظر، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 1/ 8، المسعودي، مروج الذهب، 1/ 10، البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة احوال صاحب الشريعة، 1/ 64. [28] الدجلي، أحمد بن علي (ت 812 هـ) الفلاكة والمفلوكون، مطبعة الشعب، مصر، 1322 هـ، ص 88. [29] ينظر، نهاية السؤال، ص 242- 236. [30] ينظر، المصدر نفسه، 216- 236.