حصل هذا الكتاب على ثقة العلماء الذين تناولوا سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، لقناعتهم بقيمته ومنهجه في عرض رواياته، إذ اعتمد عليه الصالحي وجعله في طليعة مصادر السيرة التي كتبها للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم [31] .
حفز هذا الكتاب على ظهور مصنفات أخرى في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ولكنها تأخرت عن مدة الدراسة (بعد العصر العباسي) ، إذ عدد أحد الباحثين هذه المصنفات وأجملها مع ذكر أماكن وجودها، وذلك لبقاء معظمها مخطوطا حتى الان [32] ، وهذا ما يفسر لنا أن الاهتمام بالجوانب الشخصية للرسول قد حصل في مراحل متأخرة من تاريخنا الإسلامي، إذ وصف أحد الباحثين هذا الأمر بالقول: " وقد اضفت الكتب المتأخرة نوعا من التقديس على شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لا يلمح في المصادر الأولى ويظهر الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في أكثر الرواية مبكرا كما صوره القرآن الكريم ... ولم تبق شخصية الرسول على وجه التقريب لما صورته السير الأولى إلا عند المتمسكين بالحديث فإنهم على شعورهم بعظمته ظلوا ينظرون إليه من خلال ما صح من الأحاديث" [33] .
هذه هي المصنفات المستقلة لجوانب السيرة المتعددة، مع العلم أن هذا الاستعراض لم يكن حاويا كل الجوانب، وذلك لوجود جوانب أخرى من شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم أفرد لها مؤرخو السيرة مصنفات عدة، فقسم من هذه المصنفات ضاع مع ما ضاع من تراثنا، وقسم وصل إلينا مخطوطا ولم يطبع بعد، [31] ينظر، سبل الهدى والرشاد (السيرة الشامية) ، 1/ 3. [32] ينظر، المنجد، معجم ما ألف عن رسول الله، ص 187- 190. [33] عباس، فن السيرة، ص 17- 18.