نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 251
أعطاف عقده وركز عليها في "واسطة" العقد، فخصص الواسطة كلها للخطب، لقد استهله بخطبة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ثنى بعدد من خطب الخليفة أبي بكر الصديق، وقدر مماثل لها للفاروق عمر، وخطبة واحدة قصيرة للخليفة عثمان -إذ لم يكن له كبير مشاركة في الخطابة- ثم أورد عددًا كبيرًا من خطب الإمام علي بن أبي طالب، وخطبًا كثيرة لكل واحدة من ملوك بني أمية وقوادهم، وأخرى كثيرة لملوك بني العباس، ثم عرج على خطب من عرفوا بالفصاحة والإبانة من العرب والمسلمين فتمثل لكل منهم بخطبة أو أكثر مثل أم المؤمنين عائشة وعبد الله بن الزبير ومصعب بن الزبير. وجعل فصلًا من "الواسطة" لخطب الخوارج، وأمر لخطب الزواج، وغيره لخطب الأعراب.
ثالثًا: ويلقى النثر عناية كبرى من المؤلف، فيهتم بالكتابة وأدواتها من أقلام وحبر وصحف، وعن الكتاب وصفاتهم، وما ينبغي أن يتحلوا به من كريم الشمائل. هذا فضلًا عن النماذج الكثيرة التي يتضمنها "العقد" في أماكن عديدة، فضلًا عما جمعه في كتاب التوقيعات والفصول، وهو بهذه المناسبة لا يكاد ينسى علمًا من أعلام الخلفاء والملوك والوزراء والقواد والكتاب إلا وجاء لهم بالعديد من التوقيعات البليغة الرائعة. هذا -ومع الإضافة في إيراد نماذج النثر- لا يغفل ابن عبد ربه عن ذكر تاريخ الكتابة ونشأتها.
رابعًا: على أن الأدب بفروعه المختلفة وموضوعاته العديدة يشكل السمة الأصيلة الشاملة في الكتاب من أوله إلى آخره تقريبًا، نجدها في فصل السلطان، وفصل الأجواد، وفصل الوفود، وفصل مخاطبة الملوك، وفصل المواعظ، وفصل التعازي والمراثي، وفصل الخطب وفصل الوقيعات والصدور وأخبار الكتبة -وقد سلف الحديث عنهما- وفصلي الشعر، بل إنه خصص فصلًا كاملًا رائعًا في العلم والأدب هو "كتاب الياقوتة".
خامسًا: نال التاريخ العربي والإسلامي اهتمامًا كبيرًا في أكثر صفحات "العقد" ومن خلال موضوعاته، بل لقد أنشأ المؤلف فصولًا متكاملة يصلح كل منها؛ لأن يكون كتابًا في التاريخ الإسلامي. إن كتاب اللؤلؤة في السلطان، والجمانة في الوفود، والعسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأيامهم، واليتيمة الثانية في أخبار زياد والحجاج والطالبيين والبرامكة والدرة الثانية في أيام العرب ووقائعهم، إن هذه الفصول جميعًا تشكل سجلًا دقيقًا راقي المنهج للتاريخ الإسلامي في فترات متلاحقة من أحقابه، بل ربما زاد على كتب التاريخ التقليدية بما أورد من أخبار حول أحداث اجتماعية وجوانب شعبية لم نألف التعرف إليها إلا عند الثقة من صفوة المؤرخين العرب.
وعلى الرغم من أن الكتاب اهتم بالمشرق اهتمامًا كليًّا، فإنه لم يهمل تاريخ الأمراء الأمويين في الأندلس ابتداء من عبد الرحمن بن معاوية الذي لقب بالداخل وانتهاء بعبد
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى جلد : 1 صفحه : 251