البطيء الذي تعرّض له , من قبل أعداء قومه ودينه , منذ نشأته في المدارس التي تطبق خطط الأعداء , فهو في كل إساءاته لأمته ولأمجادها وأبنيتها الحضارية يحسب أنه يصلح ولا يفسد , ويساهم في تقدم أمته لا في تأخرها , وصاحب هذا الظن شر على أمته من صاحب الخيانة , لأن الأجير الخائن يعمل بمقدار الأجر الذي يدفع له , ويظل جباناً خائفاً يحاذر الفضيحة , أما هذا فإنه يقوم بأعمال الهدم باذلاً كل قوتّه , متحمساً للأفكار الفاسدة التي حملها معتقداً لها , حتى أمست جزءاً من كيانه النفسي والفكري.
مع اعترافنا بما سبق فإن الإصلاح لا يعدم وسيلة تنفذ إلى الواقع الفاسد , بالإقناع والترغيب والترهيب والتربية والتقويم القسري.
ولو تسنى للمصلحين الظفر بإقناع الذين انحرفوا من أبناء أمتنا , حتى يعلموا أنهم قد كانوا ضحايا غزو فكري أعده أعداء أمتهم بإحكام بالغ , لهدم مباني مجدها التاريخي العظيم , لانقلبوا بقوة أشد عنفاً على أفكارهم التي حسبوها خيراً وهي شرٌ لهم ولأمتهم , ولعادوا إلى تدعيم المباني التاريخية التي يعملون اليوم على تهديمها , بكل ما أوتوا من قوة.
وما على الطلائع المؤمنة بالحق والخير إلا أن تضطلع بمهمة نشر ما تؤمن به , غير متواكلة ولا متخاذلة.
ففي ردّ هجمات التحدي التي يوجهها خصوم اللغة العربية الفصحى بين حين وآخر إلى حصونها وقواعدها , بغية الفصل بين الشعوب الناطقة بها وبين كنوز الإسلام المحفوظة فيها , يجب على العرب خاصة وعلى المسلمين عامة أن يقابلوا هذه الهجمات بالصمود والثبات , إن لم يردوها بهجمات مناظرة على أسس اللغات الأخرى , التي يحاول الناطقون بها نشرها بين أمم الأرض , وإحلالها محلّ لغاتها الأصلية , ويوجهون جهوداً ضخمة على وجه الخصوص لمحو اللغة العربية حاملة رسالة الإسلام.
وخطة الصمود والثبات تفرض على الأمة العربية ثم على سائر الشعوب الإسلامية أن يعملوا على نشر العربية الفصحى بين الأجيال الناشئة في