وعلى الرغم من أن الإسلام يمثل النظام الوسط الحق بين المذهبين المتباينين، نجد أنصار كلٍّ منهما يغمضون أعينهم عنه إغماضاً كلياً، ولا يريدون أن ينظروا إليه ولا أن يفسحوا المجال للشعوب حتى تراه فتستمسك به، وكلما قامت حركة توعية تكشف للجماهير محاسن نظام الإسلام، أو حركة تطبيق تعمل على إبراز هذا النظام بشكل واقعي، ولو في جانب من جوانبه، تضافرت قوى الشرق والغرب لإحباط ذلك، وعرقلة سبيله، وتشويه مقاصده، ثم لا تسمح لأي تطبيق سليم أن يظهر، وإذا ظهر عملت بسرعة على إلغائه، وجمعت ما يلزم من طاقات سياسية وغير سياسية لتفشيله، ودبرت له المكايد الكثيرة.
وتتآزر في ذلك قوى أجنحة المكر الثلاثة، والقوى التي تسير في ركابها مع قوى المذاهب الاشتراكية التي تخضع لنظمها دول شرقية معروف، فالإسلام هو الهدف الرئيس المقصود بالمحاربة من كل هذه القوى، مهما تصارعت وتعادت فيما بينها، مع أنه لا يحمل الناس جميعاً إلا الخير وابتغاء السعادة والنجاح، ولا يدعوهم إلا إلى الحق والهدى.
(2) بين اتجاهين متباينين
بين اتجاهين متباينين بعيدين عن منهج الوسط الإسلامي، أراد أعداء الإسلام الواقفون في أقصى الاتجاهين، أن يحتالوا على المسلمين ليزحزحوهم عن الوسط الحق، فالمفرطون في اتجاه اليمين من أعداء الإسلام يريدون أن يجذبوا المسلمين إليهم، والمفرطون في اتجاه اليسار يعملون بطاقات كبرى كي يجذبوا المسلمين إلى يسارهم، ومن المؤسف أنه ليس للإسلام في هذا العصر قوة مادية كبرى قائمة، ذات كيان فعال في العالم، تستطيع أن تثبت المسلمين في منهج الوسط تثبيتاً تطبيقياً، فضلاً عن أن تجذب إليه من هم في مفرط اليمين، أو من هم في مفرط اليسار.