هذا هو واقع الإسلام بين نظامين اقتصاديين قائمين في العالم، وهذا هو واقع المسلمين بين أنصار هذين النظامين.
وقد وقفت أسس نظام الإسلام الاقتصادية كالطود المنيع بفلسفتها المحكمة الفذة في العالم، الكفيلة بتحقيق مصلحة الفرد، ومصلحة الجماعة، والكفيلة بدعم قوة الدولة المسلمة، دون أن تمس كيانها بأذى، والمنسجمة مع مبادئ العقيدة والعبادة والأخلاق الإسلامية وأهدافها، والمنسجمة مع نظم الإسلام الأخرى.
وهذه الأسس تقع في دائرة الوسط بين أطراف تبعد كل البعد أو بعضه عن المصالح العظمى التي يهدف إليها الإسلام.
وأعداء الإسلام يحاربون تطبيق نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال حرباً لا هوادة فيها، وحربهم هذه هي جزء من حربهم العامة للإسلام، وجزء من أعمالهم الكبرى التي يريدون منها إبعاد المسلمين عن تطبيق نظم الإسلام الكفيلة بتحقيق أفضل صور العدالة الممكنة في الواقع الإنساني، والتي من شأنها أن تجذب شعوب العالم إلى الإسلام، وتضيف إلى صروح المسلمين الأولى صروح مجد جديد، وتعيد إليهم قوتهم ودولتهم الكبرى.
وقد غدت أسلحة النظم الاقتصادية لأعداء الإسلام شرقيين وغربيين، هي الوسيلة الهامة في هذا العصر للغزو الفكري والمادي الذي يغزون به المسلمين.
وسبب ذلك أن معظم المسلمين يجهلون حقيقة نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال، ولا يهتمون بتطبيقه، وقد غزت النظم الأخرى المناهضة لنظام الإسلام ميادين النشاط الاقتصادي في بلادهم، فهم يعيشون في وضع قلق ملفق مرقع بين الأنظمة المختلفة، فلا هو نظام إسلامي، ولا هو نظام غربي، ولا هو نظام شرقي، وهذه المرحلة التي وصل إليها المسلمون في واقعهم التطبيقي مرحلة مساعدة جداً لتحقيق أهداف أعدائهم فيهم. إنها المرحلة التمهيدية التي تهيئ للغزاة فرصة الغزو الكاسح، لأن المنافذ الاقتصادية من